اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
وقود الاصلاح الحسيني (46) الشهيد جابر بن الحارث السلماني
قال تعالى في سورة آل عمران: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) 207. وقال في سورة الحشر: (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر، وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) 23. وقال الإمام الحسين(ع): (من كان باذلاً فينا مهجته، موطناً على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا). (01)
لقد كان أصحاب الحسين رضوان الله عليهم صفوة البشرية وسادة المسلمين يومئذ، فهم بين صحابي سمع حديث الرسول(ص) ووعاه، وبين تابعي مَحّصَ الحقيقة، وجُلّهم حضر مشاهد أمير المؤمنين ، إضافة إلى ذلك منزلتهم الاجتماعية، فهم زعماء المسلمين وفرسانهم، وعلماء الأمة وجهابذتها، وسادة الناس. لذا كان تصميمهم على الموت واستبشارهم بالشهادة، لم يعهد في جيش من جيوش الإسلام، ولم يكن هذا منهم من قبيل المصادفة، بل كان صدىً لعقيدة راسخة وولاء صادق، وقدم ثابتة في الإيمان والجهاد، فجزاهم الله عن الإسلام خيراً، وسلام عليهم يوم ولدوا ويوم استشهدوا ويوم يبعثون احياء.
وبين أيدينا الجوهرة السادسة والاربعين من هذه السلسلة المباركة، جوهرة التحقت بركب شهداء الإصلاح الحسيني، وكانت ضمن الذين استشهدوا في الحملة الاولى في يوم عاشوراء، ومن جملة الأصحاب الغَيارى الذين دافعوا عن الحقّ، وُلبّوا نداءَ إمامهم سيّد شباب أهل الجنة سلام الله عليه ومنهم:
اسم الشهيد: جابر بن الحارث السلماني
شباك الشهيد: ضريح شهداء كربلاء
تاريخ الوفاة: عاشوراء عام 61 هـ
سبب الشهرة: من أنصار مسلم بن عقيل في الكوفة ومن شهداء واقعة عاشوراء (01)
هوية الشهيد:
جابر بن الحارث السلماني من شهداء واقعة عاشوراء، وكان من شخصيات الشيعة في الكوفة، ومن أصحاب أمير المؤمنين(ع)، أشترك في حركة مسلم بن عقيل. (01) عدّه الفضيل بن زبير والبلاذريّ من بني مراد. (02) كان من الشجعان ومن ذوي الشرف، من مواليد العقد الثالث من الهجرة على الاقل، أي في حدود (650م)، والسلماني المرادي المذحجي، وذكر بأنه تابعي، وكان من شرطة الخميس في الكوفة في عهد الإمام علي أمير المؤمنين(ع)، بايعه على الموت. كما صحب الإمام الحسن المجتبى(ع)، وناصر سفير الإمام الحسين(ع)، واختفى عن الانظار خوف البطش. (03)
الاختلاف في اسمه
"جابر بن الحارث السلماني" هكذا ورد اسمه في تاريخ الطبري، وذکره الشيخ الطوسي مصحفاً ”جنادة بن الحارث السلماني“، وكذلك عند السيد الأمين، وذكره السيد الخوئي بعنوان ”جنادة“ تبعاً للشيخ الطوسي، وذكره مرة أخرى: ”حيان بن الحارث السلماني الأزدي“ بعنوان مستقل، وذكر اسمه في زيارة الشهداء مصحفا ”حباب بن الحارث السلماني الأزدي“، وفي الزيارة الرجبية نسخة بحار الأنوار ”حيان بن الحارث“، وفي نسخة الاقبال ”حسان بن الحارث“ ولعل الجميع واحد، وعند ابن شهر آشوب: ”حباب بن الحارث“. (01) وفي بعض المصادر المتأخّرة جُعل جابر بن الحارث واحداً مع جنادة بن الحارث، وجيء بالخبر الذي نقله الطبريّ في حال جابر بن الحارث، جيء به هو نفسه، في حال جنادة بن الحارث أيضاً. وعند المامقانيّ، في تنقيح المقال, ج1, ص234, وعند السماويّ، في إبصار العين, ص144). مع أنّ الاختلاف بين اسمَي جابر وجنادة هو بنحوٍ لا يمكن القول معه باتّحادهما، وأنّ القول بالتعدّد فيهما إنّما نشأ من خطأ النسّاخ. وقال المحقّق التستريّ في (قاموس الرجال ج2, ص505 و 724) بتعدّدهما، وذكر في حال كلّ واحدٍ منهما ما لم يذكره في الآخر. (02)
التحاقه بالإمام الحسين(ع):
وتوجه إلى الإمام الحسين(ع) ــ بعد فشل الثورة في الكوفة ــ مع جماعة، والتقوا بالإمام(ع) قبيل وصوله إلى كربلاء، فأراد الحر بن يزيد الرياحي منعهم من اللحاق به(ع)، فلم يفلح. (01) ويُحتمل أن يكون هو أحد الأربعة ومنهم (عمرو بن خالد الصيداويّ، وسعداً مولى عمرو بن خالد، ومجمع بن عبد الله العائذيّ) الذين خرجوا من الكوفة مع الطرمّاح بن عديّ دليلاً لهم، ثمّ التحقوا الإمام الحسين(ع) في منطقة تُدعى "عذيب الهجانات". (02)
شهادته:
نال درجة الشهادة يوم عاشوراء في الحملة الأولى. (01) وحيث إنّه قضى شهيداً في بداية المعركة مع هؤلاء الأشخاص الثلاثة، أعني: عمرو بن خالد الصيداويّ، وسعداً مولى عمرو بن خالد، ومجمع بن عبد الله العائذيّ، يقوى في النظر احتمال أن يكون قد خرج من الكوفة بصحبتهم. (02) وعدّ فيمن قاتلوا في أوّل الأمر حتّى قُتلوا في مكانٍ واحد. (02) ويعد الرابع ممن قاتل في أول القتال. (03)
ورود اسمه في الزيارة:
ورد اسمه أيضاً في زيارتَي الناحية المقدّسة والزيارة الرجبيّة. (02)
وباستشهاد "جابر بن الحارث السلماني" مناصر لأبي الضيم وابي الأحرار(ع)، ومدافع عن الحق الالهي، فار من نار سعرها جبارها لغضبه، إلى جنة عرضها السماوات والارض، أعدها ربها لرحمته، تنتهي حلقتنا هذه.
بقلم: حسين نوح المشامع
المصادر: (01)(شبكة ويكي شيعة) – (02)(شبكة المنبر) –
(03)(اضواء على مدينة الحسين – ج01 – محمد صادق الكرباسي)