اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
آلة صماء
ترك عمله السابق، بعد أن أمضى سنوات طويلة، من الكفاح والمثابرة. كسب خلالها الكثير من الخبرات – والفنون - والمعارف. من التعامل مع الزبائن، وكسب رضاهم. والتعاون مع رؤسائه، وتحقيق أهدافهم. وتوزيع المنتجات – وتسويقها. إلى الجري وراء الديون – وتحصيلها. عندها فكر في زيادة دخله، وتحسين وضعه المادي. ويحقق بعض ما تصبو إليه نفسه، ويتطلع إليه فؤاده. بتغيير وضعه الاجتماعي، في إنشاء أسرة يكون هو حاميها – ومعيلها.
قلب السوق رأسا على عقب، بحثا عن شركة تمنحه دخلا وفيراً. سأل مندوبي مختلف الشركات، ودفع طلبات التوظيف إلى معظمها. حتى استقر رأيه على احدها، وبدأ العمل. فاعتمد له احد المشرفين – آلة صماء بدون إحساس أو شعور - لتدريبه، وتعريفه على منطقة عمله. يأخذه من أول النهار، ولا يتركه إلا ليأوي إلى فراشه من آخر الليل. ومن شارع إلى آخر، ومن زقاق إلى آخر. يعرفه على العملاء واحد بعد آخر، ويطلعه على المنتجات دون أن يخطأ أحدها.و دون أن يترك له فرصة ليرتاح، أو يرد نفسه. يعسوب نحل تستغله الملكة في الجري ورائها، حتى إذا ما قضت منه وطرها قتلته.
قدر ضغط يغلي بما فيه ويكاد ينفجر، طالباً تسريب بعض بخاره. ولعدت أسابيع وهو تحت هذا الضغط، ويقارب على الانفجار، حتى نفذ صبره. وبدأ أثر التعب والجهد واضحا في سوء تعامله - وسرعة غضبه. عندها قرر مسئوله إنهاء تدريبه، وتركه ليمارس عمله. فارتاحت نفسه، ورجعت له روحه المرحة. فبقي يعمل جاهداً، محاولا إثبات جدارته وإخراج قدراته.
لم يدم رضا رئيسه طويلاً، ولم يكن سعيداً لذهابه للراحة، بعد عناء العمل. فكان يترصده ويتعقبه، ترصد وتعقب الفريسة ليتعبها - وينهكها، ليتمكن من افتراسها - والقضاء عليها. فكان يكلفه بأعمال الآخرون المتعطلة، بحجة تحقيق الأهداف وخدمة الزبائن. قام بتلك الأعمال الإضافي لكونه موظفاً جديدا، يرجو أن يكون له قدم صدق عند رؤسائه.
عاد تأثير ذلك الإرهاق يخرج من خلال تدهور حالته النفسية – والصحية. وفي صعوبة تفكيره، وقلة تركيزه. فتراجع مسئوله عن قراراته، وخفف عنه ضغوط العمل. ولكن لم يمضي وقت طويل على هذا التغيير، مع الوعد بترتيب أوضاعه - وتحسين عمولاته. ليدعا إلى اجتماع طارئ، لاطلاع على مستجدات الشركة. فكانت المستجدات القشة، التي قصمت ما بقي من ظهر البعير.
الأوامر الجديدة تنص، أن لا تأوي طيور النهار إلى أعشاشها، استعدادا للبحث عن رزقها في اليوم جديد. بل عليها منافسة الخفافيش في استيقاظها ليلاً، ليس للبحث عن رزقها، ولكن لتستلم بضائع اليوم التالي. وتسليم ما عندها من نقد، ومطابقة حساباتها. ولزيادة الهم ألما، عليها الحضور في الصباح اللاحق، لإثبات الحضور والوجود على رأس العمل، قبل التوجه إلى السوق.
عندها بلغ السيل الزبا، وكان عليه الرجوع من حيث أتى، والعودة إلى حيث بدأ. عاد إلى عمله السابق، رضيا بما قسم له. رافضا تلك الزيادة، التي كانت ستقضي على صحته - وعلى إنسانيته. وكادت أن تحوله من إنسان تحترم حقوقه، إلى مجرد آلة صماء، لا حياة فيها ولا روح.
بقلم: حسين نوح شامع - القطيف - السعودية
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
اللهم صل على محمد وآل محمد
افتقدنا شوفتك عزيزي من زمان
لا تحرمنا من عطائك المشرق
موفق لكل خير.
شعاع المقامات
توقيع شعاع المقامات
قال رسول الله :
(لا يُعذِّبُ الله الخلق إلا بذنوبِ العلماء الذين يكتمون الحقَّ من فضل عليٍّ وعترته. ألا وإنّه لم يَمشِ فوق الأرض بعد النبيين والمرسلين أفضل من شيعةِ عليٍّ ومحبيه الذين يُظهرون أمره وينشرون فضله، أولئك تغشاهم الرحمة وتستغفر لهم الملائكة. والويلُ كلّ الويل لمن يكتم فضائله وينكر أمره، فما أصبرهم على النار). كتاب (الدمعة الساكبة) ص82.