اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
اصطحب محرماً
دخل البيت مسرعا، كعاصفة رملية عاتية في يوم قائظ. متوجها من فوره إلى غرفة أخته، ماكثا عندها زمنا. و خرج بعدها وهو في حالة مزرية. يرتطم بالأبواب، ويتعثر بالأثاث. يصرخ في الصغار، ولا يأبه بالكبار. دوامة موسمية قاتلة، تمتص كل ما تمر به.
جلس في زاوية بعيدة وهو يتمتم قائلا: تعودنا وتعودت نساء مجتمعنا عند السفر، من منطقة إلى أخرى، داخل البلاد وخارجه، أن يصطحبن معهن محرما. رجلا أو شابا، أبا أو أخا. وجوده بجانبهن تلبية للأوامر الرسمية، وسندا لهن يقوم على حاجاتهن. في الأماكن والمواقع، التي لا يتمكن الوصول إليها بأنفسهن.
ومع تطور الزمن - وتغير المفاهيم، وتمكنهن من الانتقال دون ذلك المحرم الرجولي، اكتفين بتصريح منه. لاستطاعتهن من الأمن على أنفسهن، وقضاء حوائجهن.
سكت برهة ليلتقط أنفاسه، بعد أن خمدت نيران ثورته، وأطفأ لهيبها بشيء من الماء البارد الزلال. ثم تابع كلامه قائلا: كنت راغبا في شراء عطر من ماركة معينة، نصحني به أحد الأصحاب. فتوجهت إلى أحد المجمعات التجارية الموجودة في المنطقة، فهالني أن اطرد من قبل حارس الأمن، بحجة أن المجمع للعوائل فقط.
طردت ككلب مسعور، أو من به مرض معد. رغم أن مظهري يدل على الاتزان والاستقامة، تماما بعكس بعض منهم خلف ذلك الزجاج. وعندما سالت عن السبب، قيل لي: قد دخلوا مع عائلتهم. قلت سبحان الله ألا يكفي مظهرهم ليتم منعهم؟!
وأتم حديثه قائلا: تغيرت الدنيا، وانقلبت الموازين. وأصبحت ذات العفاف والصون، حرة تتنقل إلى خارج البلاد، فضلا عن داخله. وتغير وضع من كان في الماضي، طائرا حرا يحط حيث يشاء، بلا قيد ولا شرط. ليتوجب عليه الحصول على محرم أنثوي، ليتمكن من الدخول إلى المجمعات التجارية.
وأضحت معظم تلك المجمعات حكراً على للعوائل، وقل أن ترى أي منها مسموح للشباب بدخولها إلا ما ندر. كأن الشباب ليسوا جزء من هذا المجتمع، ولهم حقوق كما عليهم واجبات.
ثم سحب شقيقته من يدها وهو خارجا بها، ممنيا إياها بالكثير من الهدايا والعطايا.
بقلم: حسين نوح مشامع - القطيف - السعودية