أللهم صلي على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها
والسر المستودع فيها
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ورد في الكافي عن محمد بن المفضل قال :سألت أبو جعفر الإمام محمد
بن علي سلام الله عليه عن أفضل عمل يتقرب به العبد إلى الله تعالى فقال:
أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله تعالى طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة
أُولي الأمر , وقال حبنا إيمان وبغضنا كفر ,
ويكفينا في المقام الرواية المعروفة , بُني الإسلام على خمس
الصلاة , الصوم, الحج, والجهاد والولاية , وما نودي الناس بشيء
مثل نا نودي بالولاية .
ما هو المراد من كلمة (الأمر ) في أُولي الأمر :
لقد استمدت ولاية الأمر شرعيتها من الآية المباركة
أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأُولي الأمر منكم
وحيث أن للأمر معاني كثيرة منها أمور :
1- إحداث الشيء وهاذ هو الأمر في مقابل النهي
2- الأمر بمعنى الشيء نحو جئت لأمر كذا
3- الشأن وغير ذلك من المعاني التي ذكرها أهل اللغة
ومن المعلوم أن المراد من الأمر في أُولي الأمر ليس في مقابل النهي
كما أن الأمر بمعنى الشيء أيضاً لم يكن مراداً قطعاً ,بل الأمر بمعنى
الشأن الراجع إلى أمر الدين والدنيا , وأولو الأمر هم الذين يتولون أمور
المسلمين لأمر الدين والدنيا ,
وبموجب الآية المباركة يتوجب على المسلمين الإنقياد لأولي الأمر بعد أن
قرنت طاعتهم بطاعة الله ورسوله , لكن هذه الآية تستثير عدد من النقاط
لا بد من توضيحها , والتي تركت للأحاديث الشريفة أن تفصلها .
ضرورة معرفة ولي الأمر :
إن من الضرورة معرفة ولي الأمر في كل مكان وزمان ليتم الإلتزام بأمر
الولي والطاعة المطلقة له , وتنفيذاً لمضمون الآية المباركة ينطلق منها
البحث التالي :
إن في الأحاديث الشريفة المتواترة حديث
( من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ) وفي الأحاديث الأخر منها ما في الكافي عن أبي حمزة قال : قال لي أبو جعفر سلام الله عليه , إنما يعبد الله من يعرف الله , وأما من لا يعرف الله معرفة الله ؟ قال : التصديق لله عزوجل وتصديق رسوله (ص) وموالاة علي والائتمام به وبأئمة الهدى والبراءة إلى الله عزوجل من عدوهم , وهكذا يعرف الله تعالى .
وفيه عن أحدهما أنه قال " لا يكون العبد مؤمناً حتى يعرف الله ورسوله والأئمة كلهم وإمام زمانه ويرد إليه ويسلــّم له , ثم قال : كيف يعرف الأخر وهو يجهل الأول ؟ ! .
وهنا الإمامة بهذا المعنى هي الإلتزام بطاعته والإنقياد لحكمه والتسليم له في أمور الدين والدنيا , وأن يكون الإمام هو المرجع هذا أمر متفق عليه
عند جميع الفئات الإسلامية ولا يختلف فيها إثنان .
وقد كان عند المسلمين أنه لا بد لهم لأول يوم مات فيه النبي (ص) أن يكون لهم إمام وقائد يقود الأمة , ومدبر يتصدى لولاية أمرهم ,
والجميع إتفق على ذلك , وجميعهم كانوا في قول واحد ,
وإنما الإختلاف حصل في تعيين الشخصية التي تتولى هذا المنصب ,
فنقول هنا على سبيل الإفتراض !!
أنه تم إختيار هذه الشخصية من تصويت الأكثرية , فكان من الواجب أن تكون الشخصية الصالحة للقيادة والولاية , ونحن نعرف أن عقيدة تصويت الأكثرية غير صحيحة لأن هي مخالفة لتصريحات النبي (ص) وللأحاديث التي وردت عنه صلوات الله وسلامه عليه في التنصيب والولاية والتي حدث القوم عنها أنها في شخص علي سلام الله عليه ولكن من باب الفرضيات التي ظلمت آل بيت محمد والولاية التشريعية لهم .
إننا نقول : إن الحقيقة لا تدور مدار إنتخاب وتصويت , فربما يصيب وربما يخطىء , كما اتفق لنبي الله موسى
حينما اختار من قومه لميقات ربه قال تعالى :
واختار موسى سبعين رجلاً لميقاتنا وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة وأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ,
فإذا كان كليم الله في اختياره بهذه الصفة فما ظنك بسائر الناس ؟
فرغم كل هذا لقد أثبت جبر التاريخ أن الاختيار في أمر الإمامة والقيادة لم يكن ناجحاً , لأن الإسلام مع ما كانت له القدرة من النفوذ ومع ما له من قوانين وتعاليم فسرعان ما تخلل في أصوله الضعف والفتور ومع الأسف في زمن لم يتجاوز ربع قرن وجدت الخلافات في محيط الإسلام , واشتعلت نار الفتنة والغضب من صدور المسلمين , وكان لعثمان النصيب في الخليفة المنتخبة هي الحالة التي شوشت بعض الفئات وجرت مصائبها التي لا تحصى ,
- إن معرفة الإمام أصل أساسي ولهذا الأصل فوائد لا تحصى ولا تعد في النظام التكويني وفي الحكم الإسلامي المتشعب بكل الأبعاد ,
- والمقصود من معرفة الإمام هنا , إن يعتقد الإنسان بإمامته وقيادته في الدين والدنيا معاً , ولهذا كان من الضروري معرفة الإمام في منطق الروايات المتواترة والمتلازمة لمعرفة الله ومعرفة رسوله , وجزءاً غير منفك من الأصول الثلاثة :
- التوحيد – النبوة – المعاد ,
وكما أن الإعتقاد بقيادة غيره يعتبر إتباعاً للشيطان وإنحرافاً عن طريق الحق وعبادة للطاغوت كما ورد في تفسير قوله تعالى :
- ألله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور , والذين كفروا
- أوليائهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات \
- وفي الكافي عن الصادق عليه سلام الله : أن الظلمات هي ظلمات الذنوب إلى نور التوبة والمغفرة لولايتهم كل إمام عدل , وقال في قوله تعالى – والذين كفروا _ كما الآية , ليس للكافر نور فيخرج منه بل إنما عنى بهذا أنهم كانوا على نور الإسلام فلما تولوا كل إمام جائر ليس من الله , خرجوا بولايتهم إياهم من نور الإسلام إلى ظلمات الكفر الخبر- ورد أيضاً في تفسير _ والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها _
- عن الصادق سلام الله عليه أنه قال لأبي بصير :
أنتم الذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها ومن أطاع جباراً فقد عبَدَه , فهذه النقطة الأولى من الآية الكريمة وهي ضرورة معرفة وليّ الأمر في كل زمان .
- فصل في تبيان عدد أولياء الأمر وتعريفهم :
- لا بد للإشارة أن الأحاديث والنصوص الواردة عن النبي في الإمامة والولاية تُقسم إلى قسمين :
- الأول لم يذكر عددهم بل قال أنهم من قريش فقط .
- في هذا القسم لم يذكر إسم أحد من الأئمة وهذا القسم متفق عليه من الفريقين السنة والشيعة , وهي موجودة في أصح كتب كصحيح البخاري المجلد الرابع كتاب الاحكام \ وصحيح مسلم كتاب الإمارة
- والترمزي باب الخلفاء \ وما تضمنه أن رسول الله (ص) قال: الخلفاء بعدي إثنا عشر كلهم من قريش .
- قال العلامة المجلسي (قده) في مرآة العقول \شرح أصول الكافي
- ان في صحيح مسلم عشرة أحاديث تدل على أن الائمة من قريش , وعلى ما نقله شفاء الصدور عن السيوطي \ أن البخاري ومسلم يشتركان في لفظ الحديث --- لا يزال هذا الأمر عزيزاً ينصرون من ناوأهم عليه اثنا عشر خليفة كلهم من قريش \
- وفي هذا المجال تروى أحاديث كثيرة بأسانيد مختلفة ننقل منها :
- -- عن جابر بن سمرة أنه قال : سمعت النبي (ص) يقول :
- يكون اثنا عشر أميراً ثم أخفى صوته فقلت لأبي ما الذي أخفى رسول الله ؟(ص) قال : قال كلهم من قريش , وفي بعضها \ ثم خفض من صوته فقلت لأبي ما قال؟(ص) فقال كلهم من قريش , وبهذا المضمون وردت عدة روايات على اختلاف التعبير في جملة مضمونها واحد .
- وهذا مما يوجب التساؤل عن السبب في إخفاء صوت النبي (ص)
- فالروايات كثيرة ومستفيضة عن صحة هذه الرواية , بأن النبي قال كلهم من قريش وانهم اثنا عشر .
- إذن ما ذهب إليه الشيعة في تفسيرهم هو الصحيح وإن ما ورد في تفسير الاية أن أولي الأمر هم الأئمة الأثنا عشر الذين اختارهم الله قدوة وهداة وأئمة وربما تعد هذه الروايات من معجزات النبي ومن الأخبار الغيبية أيضاً .
- أما القسم الثاني وهو في عدد أولياء الأمر واسمائهم نقول :
- إن أكثر هذه النصوص وردت عن الشيعة , كما أن أكثر القسم الأول ورد عن الأخوان السنة , ونذكر بالقسم الثاني الرواية التي نتبرك بها
- في هذا الباب .
- روى العلامة المجلسي في البحار عن كمال الدين وعيون أخبار الرضا للصدوق (قده) بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه سلام الله قال : قال أبي لجابر بن عبد الله الأنصاري , إن لي إليك حاجة , فتمنى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها ؟ فقال له جابر : في أيّ الأوقات شئت , فخلا به أبي
فقال له : يا جابر أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد أمّي فاطمة بنت رسول الله وما أخبرتك به أمي أن في ذلك اللوح مكتوباً , قال جابر : اشهد بالله إني دخلت على أمك فاطمة عليها سلام الله في حياة رسول الله (ص) أهنئها بولادة الحسين
, فرايت في يدها لوحاً أخضر ظننت أنه زمرّد , ورأيت فيه كتاباً أبيض شبه نور الشمس , فقلت لها بأبي أنت وأمي يا بنت رسول الله , ما هذا اللوح ؟ فقالت سلام الله عليها : هذا اللوح أهداه الله عزوجل إلى رسوله , وفيه إسم ابي وإسم بعلي وإسم بعلي وإسم ابنيَّ وأسماء الأوصياء من ولدي , فأعطانيه أبي ليسرّني بذلك .
- قال المحدث القمي في الأنوار البهية : الذي يظهر لي من بعض أخبار اللوح أن مولاتنا فاطمة عليها سلام الله لما اغتمّت بولادة الحسين
أعطاها أبوها اللوح ليسرها بذلك .
- قال جابر : فأعطتنيه أمك فاطمة عليها سلام الله فقرأته وانتسخته , فقال أبي
: فهل لك يا جابر أن تعرضه عليّ؟ قال نعم , فمشى معه أبي
حتى انتهى إلى منزل جابر لإاخرج إلى أبي صحيفة من رق ,
- يقول المجلسي في رواية الكليني والنعماني والشيخ والطبرسي بعد قوله ( من رق) فقال يا جابر انظر كتابك لأقرأ عليك , فنظر جابر في نسخته فقرأه أبي فما خالف حرف حرفاً , فقال جابر فاشهد بالله إني هكذا رأيته في اللوح مكتوباً :
- بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز العليم لمحمد نوره وسفيره وحجابه ودليله , نزل به الروح الأمين من عند رب العالمين , عظـّم يا محمد أسمائي واشكر نعمائي ولا تجحد آلائي , إني أنا الله لا إله إلا أنا , فمن رجا غير فضلي أو حاف غير عدلي عذبته عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين , فإياي فاعبد وعليّ فتوكل , إني لم أبعث نبياً فأكملت أيامه وأنقضت مدته إلا جعلت له وصــيّاً , وإني فضلتك على الأنبياء , وفضلت وصـيّك على الأوصياء , وأكرمتك بشبليك بعده وبسبطيك حسن وحسين , فجعلت حسناً معدن علمي بعد انقضاء مدة أبيه , وجعلت حسيناً خازن وحيي , وأكرمته بالشهادة وختمت له بالسعادة , فهو أفضل من استشهد , وأرفع الشهداء درجة , وجعلت كلمتي التامة معه , والحجة البالغة عنده , بعترته أثيب وأعاقب ,
- أولهم علي ّ سيد العابدين وزين أولياء الماضين , وابنه شبيه جده المحمود محمد الباقر لعلمي والمعدن لحكمي , سيهلك المرتابون في جعفر , الرادّ عليه كالرادّ عليّ , حق القول مني لأكرمن مثوى جعفر ولأسرنه في أشياعه وأنصاره وأوليائه , انتجبت بعده موسى وانتُجبت بعده فتنة , وأن أوليائي لا يشقون , ألا ومن جحد واحداً منهم فقد جحد نعمتي , ومن غيــّر آية من كتابي فقد افترى عليّ , وويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدة عبدي موسى وحبيبي وخيرتي , إن المكذب بالثامن مكذّب بكل أوليائي , وعليّ ولييّ وناصري ومن أضع عليه أعباء النبوة , وأمنحه بالاضطلاع بها , يقتله عفريت مستكبر يُدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح إلى جنب شر خلقي , حق القول مني لأقرّن عينه بمحمد وابنه وخليفته من بعده , فهو وارث علمي ومعدن حكمي وموضع سرّي وحجتي على خلقي , جعلت الجنة مثواه وشفعته من سيعين الفاً من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار , وأختم بالسعادة لإبنه عليّ ولييّ وناصري والشاهد في خلقي وأميني على وحيي , وأخرج منه الداعي إلى سبيلي والخازن لعلمي الحسن , ثم أكمل ذلك بابنه رحمة للعالمين , عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيوب , سيذل أوليائي في زمانه ويتهادون رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك والديلم , فيقتلون ويحرقون ويكونون خائفين مرعوبين وجلين , تصبغ الأرض بدمائهم ويفشو الويل والرنين في نسائهم , أولئك حقاً , بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس , وبهم أكشف الزلازل , وأدفع الآصار والأغلال , أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون
{ نقطة مهمة} مشكلة هذه الأحاديث وحل القاضي عياض :
قد أحدثت هذه الأحاديث مشكلة عند الأخوان السنة وبالخصوص القسم الأول حيث لا يمكن إنكارها أن النبي قال (ص) لا بد لهم من تعيين أولي الأمر عدداً لا يتجاوز أثني عشر ,
فأتلى بعض المؤلفين في ذلك الزمن بتحليله الشخصي , كأنما همه الوحيد أن يصرف الناس عما تقوله الشيعة من الأئمة الأثني عشر , مستندة إلى نصوص نبوية كما أسلفناه , ومن اولئك المؤلفين القاضي عيّاض كما في شفاء الصدور نقلاً عن تاريخ الخلفاء أنه ذهب إلى أن الأئمة الاثني عشر هم الذين أجتمعت الأمة عليهم وانقادت لبيعتهم وهم :
أبو بكر \ عمر \ عثمان \ علي
\ معاوية\ يزيد\عبد الملك \الوليد\سليمان \ يزيد \ هشام من ابناء عبد الملك\ الوليد بن يزيد بن عبد الملك \
ومن الجدير بالذكر أن عمر بن عبد العزيز وهو بين سليمان ويزيد لم يحسب من الخلفاء الأثني عشر ,
ومن العجيب أن أمثال هؤلاء المؤلفين لم يحسبوا معاوية بن يزيد وعمر بن عبد العزيز من الاثني عشر مع انهما في نظر اهل السنة إمامان عادلان!! وبالأخص الثاني الذي يقول في حقه الشريف الرضي قصيدة
يا بن عبد العزيز لو بكت العين فتى \ من أمية لبكيتك
انت نزهتنا عن السب والقذف \ فلو أمكن الجزا لجزيتك \ إلى اخر القصيدة ,
هنا __ لعلهما ارتكبا ذنباً استوجبا السقوط من عدد الخلفاء ولعل ذنب معاوية ين يزيد هو أنه صعد المنبر واعترف أن أباه وجده كانا ظالمين ,
وأن علياً عليه سلام الله كان أحق بالخلافة , كما ينقل ذلك عن ابن حجر العسقلاني في الصواعق , وان كان هذا ذنب معاوية بن يزيد فبالقرينة يعلم ذنب عمر بن عبد العزيز أيضاً , وهو الذنب الذي لا ينساه التاريخ
وهو المنع عن سب علي عليه سلام الله ,
هنا قال ابن الحديد في شرح النهج الجزء الرابع :
فأما عمر بن عبد العزيز قال : كنت غلاماً أقرأ القرآن على بعض ولد عُتبة بن مسعود فمر بي يوماً وأنا ألعب مع الصبيان ونحن نلعن علياً , فكره ذلك ودخل المسجد , فتركت الصبيان وجئت إليه لأدرس عليه , فلما رآني قام فصلى وأطال في الصلاة – شبه المعرض عني – حتى أحسست منه بذلك , فلما انفتل من صلاته كلح في وجهي فقلت له : ما بال الشيخ ؟ فقال لي يا بني أنت اللعّن علياً منذ اليوم ؟ فقلت نعم .
فقال فمتى علمت أن الله سخط على أهل بدر بعد أن رضي عنهم فقلت : يا أبت وهل كان عليّ من أهل بدر ؟ فقال : ويحك فهل كانت بدر إلا له ؟ فقلت : لا أعود , فقال : الله إنك لا تعود ؟ فقلت نعم فلم ألعنه بعدها .ثم كنت أحضر تحت منبر المدينة وأبي يخطب يوم الجمعة وهو حينئذ أمير المدينة , فكنت أسمع ابي يمر في خطبته تهدر شقاشقه , حتى يأتي إلى لعن علي
فيجمجم ويعرض له من الفهاهة , والحصر ما الله عالم به , فكنت أعجب من ذلك , فقلت له يوماً يا أبت أنت أفصح الناس وأخطبهم , فما لي أراك أفصح خطيب يوم حفلك حتى إذا مررت بعلن هذا الرجل صرت ألكن عيياً ؟ فقال : يا بني إن من ترى تحت منبرنا من أهل الشام وغيرهم لو علموا من فضل هذا الرجل ما يعلمه أبوك لم يتبعنا منهم أحد , فوقرت كلمته في صدري مع ما كان قاله لي معلمي أيام صغير فأعطيت الله عهداً لئن كان لي في هذا الأمر نصيب لأغيرنه , فلما منّ الله عليّ بالخلافة أسقطت ذلك وجعلت مكانه ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ويعظكم لعلكم تذكرون ) وكتب به إلى الآفاق فصار سنة .
نعم كان هذا ذنباً لابن عبد العزيز الذي أسقطه من عداد الخلفاء الاثني عشر ,كما علم أن يزيد بن معاوية هو من الخلفاء المعظمين !!
وأن شربه الخمور ولعبه القمار وأنسه بالقرود لا يضره ولا يسقطه من هذا المقام , وأن الوليد بن يزيد بن عبد الملك هو الخليفة الثاني عشر وبزعم هذا القاضي !!, وهو الذي سفك الدماء وأباح الحريم وبالغ في الفسق والفجور إلى حد أنه أراد أن يشرب الخمر على سطح الكعبة الشريفة ,ولم يبق جريمة إلا ارتكبها وبلغ من الجرأة على الله أنه أخذ القرآن يوماً وفتحه فجاءت الآية الشريفة
واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد \ فغضب اللعين ووضع القرآن أمامه ورماه بسهامه حتى مزقه ,هذا هو الخليفة الثاني عشر !!
نعم هكذا تلاعبت الأمة بأحاديث نبيها
النبي الذي رسم للأمة طريق النجاح والفلاح
وإن الأمة لو تمسكت بها لن تضل أبداً
فضلوا ضلالاً , بما كسبت أيديهم
هكذا تلاعبت الأمة بأحاديث نبيها !!
الأطهار 
