ولربما
يكون السبب في أنه تعالى
لم يرد أن يعرّف آدم «عليه السلام» بأكثر من ذلك،
هو أنه
يريد أن يظهر حقيقته وفضله، واستحقاقه لمقام النبوة الكريم والعظيم.
فلم يطلعه على غيبه، بل تركه يواجه الأمور بقدراته الذاتية ـ تماماً
كما كان الحال بالنسبة لموسى والخضر «عليهما السلام»، حيث لم يعرف الله
تعالى موسى«عليه السلام» بالكنز الذي تحت الجدار، ولا بالملِك الذي
يأخذ كل سفينة غصباً، ولا بمعاملة ذلك
الغلام
المجرم لأبويه.. إنه تعالى لم يعرّف موسى «عليه السلام»
بذلك،
تمهيداً لإظهار حقيقته واستحقاقه لمقام النبوة
وأن يكون من
أولي العزم من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
هذا بالإضافة إلى ما قدمناه من أن السنة الإلهية قد قضت
وجرت بأن يفسح المجال لوسائل الهداية الأخرى، لتؤدي دورها، لكي لا
ينتهي الأمر بنوع من الظلم والجبر، حتى لأعدى أعداء الله من الفراعنة
والجبارين، والمجرمين..
|