فأما بالنسبة للملك، فنقول:
كأن إبليس لعنه الله قد قال لآدم : لو أكلت من هذه الشجرة
سواء أكلت من شخصها أو من جنسها، فإن ذلك لا يضرك، بل
إن
الله سيؤتيك ملكاً، ولكن لا لأجل إرضاء شهوة السلطة،
والقوة،
والنفوذ عندك.. لأنه يعلم أنك لا تعيش هذا الجو،
ولا تهتم لمثل هذه الامور،
بل لكي تتهيأ لك الفرص المتنوعة، وتنفتح لك أبواب الطاعات المختلفة،
حيث
تملك الكثير من وسائل القربات التي تمكنك من الحصول على
المزيد من درجات القرب والرضا، فإن لكل طاعة درجاتها التي تناسبها،
ومقاماتها التي تلائمها.
ولا تحتاج
في
حصولك على هذه الوسائل
الى
بذل أي جهد يصرفك عن الاستغراق في الله والانهماك فيما
يرضيه.
فالمال الكثير
يمكن أن يفتح لك أبواباً كثيرة من
القربات المتنوعة التي قد لا تتيسر لك بدونه
فإنه: نعم المال الصالح للرجل الصالح([1])،
كالصدقات، وبناء المدارس وتمهيد المسالك، وإنشاء المعابر والجسور،
وتشييد
المساجد، وطبابة المرضى،
وغير ذلك مما يتعذر عدّه وحصره..
والجاه
العريض يسهل لك الحصول على طاعات وقربات متنوعة أخرى،
فإنك بواسطة نفوذك،
وموقعك،
وجاهك،
تستطيع أن تقضي حاجات كثيرة جداً للمؤمنين لدى أهل الجاه والقوة
والنفوذ، وتأمر بمعونتهم، وتعمل على إيجاد المرافق التي تحفظ لهم بها
عزتهم، وكرامتهم، وسؤددهم..
وبواسطة قوتك،
وجندك،
وأعوانك،
تتمكن من
أن تحفظ
للناس
أمنهم، وتدفع عنهم الأسواء، وتكبت عدوّهم، وتقيم العدل
فيما استخلفك الله تعالى فيه.
فالملك إذن يفتح أمامك الكثير من الأبواب، ويهييء لك
الكثير من الوسائل، وبدونه، فإنك لا تستطيع أن تمارس إلا أنواعاً
محدودة من الطاعات، كالصلاة،
والصوم، والاستغفار،
ونحو ذلك..
([1])
راجع: تنبيه الخواطر ص128.
|