وتبقى أمام القارئ الكريم روايات تحتاج إلى إيضاح، هي
التالية:
1 ـ
روي عن الإمام
أبي
الحسن الثالث «عليه السلام» قال: الشجرة التي نهى آدم وزوجته أن يأكلا
منها، شجرة الحسد. عهد إليهما: أن لا ينظرا إلى من فضّله الله عليه،
وعلى خلايقه بعين الحسد، ولم يجد له عزماً[1].
2 ـ
عن المفضل بن عمر، عن
أبي
عبد الله «عليه السلام»،
في
حديث طويل، قال: فلما أسكن الله عز وجل آدم وزوجته
الجنة قال لهما:
﴿كُلاَ
مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ
ـ
يعني شجرة الحنطة
ـ فَتَكُونَا مِنَ
الْظَّالِمِينَ﴾..
فنظرا إلى منزلة محمد، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين،
والأئمة «عليهم السلام» بعدهم، فوجداها أشرف منازل أهل الجنة، فقالا:
ربنا لمن هذه المنزلة؟!
فقال الله جل جلاله:
إرفعا رؤوسكما إلى ساق العرش.
فرفعا رؤوسهما، فوجدا أسماء محمد، وعلي، وفاطمة،
والأئمة «عليهم السلام» مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الله الجبار
جل جلاله، فقالا: يا ربنا، ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك، وما أحبهم
إليك، وما أشرفهم لديك!!
فقال الله جل جلاله:
لولاهم ما خلقتكما. هؤلاء خزنة علمي، وأمنائي على سري، إياكما أن تنظرا
إليهم بعين الحسد، وتمنيا منزلتهم عندي، ومحلهم من كرامتي، فتدخلان
بذلك في نهيي وعصياني، فتكونا من الظالمين..
قالا:
ربنا ومن الظالمون؟!
قال:
المدعون لمنزلتهم بغير حق..
إلى أن قال:
يا آدم ويا حواء، لا تنظرا إلى أنواري وحججي بعين
الحسد، فأهبطكما عن جواري، وأحل بكما هواني، ﴿فَوَسْوَسَ
لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا﴾..
إلى قوله: ﴿فَدَلاَّهُمَا
بِغُرُورٍ﴾..
وحملهما على تمني منزلتهم، فنظرا إليهم بعين الحسد، فخذلا حتى أكلا من
شجرة الحنطة الخ..([2]).
3 ـ
عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: قلت للرضا «عليه السلام»، يا ابن
رسول الله،
أخبرني عن الشجرة التي أكل منها آدم وحواء، ما كانت؟ فقد اختلف الناس
فيها، فمنهم من يروي: أنها الحنطة. ومنهم من يروي أنها العنب، ومنهم من
يروي أنها شجرة الحسد؟.
فقال «عليه السلام»:
كل ذلك حق.
فقلت:
فما معنى هذه الوجوه على اختلافها؟!
فقال «عليه السلام»:
يا أبا الصلت، إن شجرة الجنة تحمل أنواعا. وكانت شجرة الحنطة،
وفيها عنب، وليست كشجرة الدنيا. وإن آدم لما أكرمه الله تعالى ذكره
بإسجاد ملائكته له، وبإدخاله الجنة قال في نفسه: هل خلق الله بشراً
أفضل مني؟
فعلم الله عز وجل ما وقع في نفسه فناداه: ارفع رأسك يا
آدم، وانظر إلى ساق عرشي..
فرفع آدم رأسه، فنظر إلى ساق العرش، فوجد مكتوباً:
لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي بن أبي طالب أمير
المؤمنين، وزوجته فاطمة سيدة نساء العالمين. الحسن والحسين سيدا شباب
أهل الجنة.
فقال آدم:
يا رب من هؤلاء؟
فقال عز وجل:
هؤلاء من ذريتك، وهم خير منك، ومن جميع خلقي. ولولاهم ما خلقتك،
ولا خلقت الجنة والنار، ولا السماء ولا الأرض، فإياك أن تنظر إليهم
بعين الحسد، وتمنى منزلتهم.
فتسلط عليه
الشيطان حتى أكل من الشجرة التي نهي عنها، فسلط على حواء لنظرها إلى
فاطمة بعين الحسد حتى أكلت من الشجرة كما أكل آدم، فأخرجهما الله تعالى
من جنته، وأهبطهما عن جواره إلى الأرض([3]).
4 ـ
وروى الكليني، بإسناده إلى الزهرى، محمد بن شهاب قال: سئل الإمام
السجاد «عليه السلام»: أي الأعمال أفضل عند الله عز وجل؟
فقال «عليه السلام»:
ما من عمل بعد معرفة الله عز وجل، ومعرفة رسول الله «صلى الله عليه
وآله» أفضل من بغض الدنيا.
وإن لذلك لشعباً كثيرة. وللمعاصي شعباً. فأول ما عصي
الله به الكبر. وهي معصية إبليس حين أبى واستكبر، وكان من الكافرين. ثم
الحرص، وهي معصية آدم وحواء حين قال الله عز وجل لهما:
﴿كُلاَ
مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾..
الخ..([4]).
([1])
نور الثقلين (تفسير) ج3 ص402 عن العياشي والبرهان (تفسير) ج2
ص6.
([2])
نور الثقلين ج2 ص12 وراجع ج1 ص67 و68 عن معاني الأخبار
والبرهان (تفسير) ج1 ص82 و83 .
([3])
نور الثقلين (تفسير) ج1 ص60 عن عيون أخبار الرضا والبرهان
(تفسير) ج1 ص83 و84 .
([4])
نور الثقلين (تفسير) ج1 ص60 عن أصول الكافي والبرهان (تفسير)
ج1 ص81 .
|