صفحة :173  

أجاب المالكي:

الأخ الثقلين:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أولاً: لتعلم أن غلاة الحنابلة كذبوا على أحمد بن حنبل كثيراً، هذا أمر.

الأمر الثاني: لو صح أن الإمام أحمد قال «لو أقسم رجل أن لا يكلم أحمقاً ثم كلم رافضيا لقلت إنه حنث»، لكان هذا الإطلاق من أحمد إطلاقاً باطلاً مردوداً عليه كسائر العلماء فهم يصيبون ويخطئون ويخاصمون، لأن الشيعة ـ أو الروافض كما يحب أن يقول البعض ـ ليسوا كلهم حمقى وليسوا كلهم أذكياء شأنهم في ذلك شأن الحنابلة والأشاعرة والصوفية.. الخ.

بل هذا القول التعميمي فهو من علامات الحمق لأن الحمق لا يختص به مذهب ولا أمة ولا شعب.. الخ.. وأنا أستبعد صدور هذا من أحمد.

أما القول الثاني: وهو «وقد اتفق أهل العلم بالنقل والرواية على أن الرافضة أكذب الطوائف والكذب فيهم قديم..» فهذا أيضاً تعميم، والصواب أن الخطابية من الروافض يصح أن يطلق عليهم أكذب الطوائف لأنهم يستحلون الكذب نصرة للمذهب كما يفعل القليل من غلاة السلفية اليوم، أما تعميم هذا في كل الشيعة أو كل الرافضة فكذب، وهذا القول من أكاذيب (عبد الرحمن بن مالك بن مغول) نقلها ابن تيمية في مقدمة منهاج السنة، ونقلها عن منهاج السنة بعض غلاة السلفية.

لكن ليس عندي شك أن الكذب عند الشيعة من حيث الجملة (بالأصولية والأخبارية وشيخية) أعظم من الكذب في جميع الطوائف، وهذا أمر قد تخاصمت معهم فيه وهي وجهة نظر مبنية على مطالعة لبعض المصادر والمراجع التي رجعت إليها والتي هالني ما فيها من الأكاذيب والخرافات التي تناقض أصرح الشرائع وأبسط العقول.

لكن هل كل الشيعة يؤمنون بهذا؟ كلا، أنا أعرف أن بعضهم لا يرى هذا، وقد عرضت على بعضهم نماذج من هذه الأمور فأنكرها إنكاراً شديداً.

والكذب موجود في سائر الطوائف، ومثلما تخاصمت مع الشيعة في هذا الموضوع قد تخاصمت مع السلفية أيضا في تكذيبي لكثير مما يوردوه في كتب العقائد من أحاديث باطلة وموضوعة.

أما كون الكذب في الشيعة قديم فهذا ممكن لكنه في النواصب أقدم من أيام زعم بنو أمية أن علياً قتل عثمان وأن عماراً قتله من جاء به وأن أبا ذر وعبادة بن الصامت أفسد الشام.. الخ..

يجب عند نقد الشيعة ألا ننسى النواصب، فعلى النواصب يقع الذنب الأكبر في الغلو الشيعي فهل تظن أن محبي الإمام علي يبقون سامعين لعن علي في خطبة الجمعة ولا يكون عندهم ردة فعل؟! «أنا أأسف أن أقوالي هذه سيغضب منها الجميع».

والظلم الأموي والعباسي لأهل البيت ألجأ أتباعهم للعمل السري، والعمل السري تختلط فيه الشائعة بالحقيقة، فيجب أن نقدر هذا، وندعو إخواننا الشيعة لمزيد من الاعتدال وألا يعمموا على السنة النصب وليعرفوا أن داخل أهل السنة من يدافع عن أهل البيت وإن وجد من غلاتهم الأذى والاتهامات فإن شعر الشيعي بهذا اعتدل، أما إن شعر بأن أهل السنة وراء معاوية ويزيد ضد علي والحسين فكيف نريد منه أن يعتدل؟.

 
   
 
 

موقع الميزان