وإليك بعض النصوص، التي صرحت بأسماء أشخاص، جمعوا
القرآن في عهده «صلى الله عليه وآله».
هذا..
ولسوف نضع رقماً لنشير إلى عدد هؤلاء، الذين ترد أسماؤهم جديداً، خلال
النصوص المختلفة،
فنقول:
عن قتادة، قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على
عهد النبيّ؟
قال: أربعة، كلهم من الأنصار:
1 ـ أبي بن كعب، و
2 ـ معاذ بن جبل، و
3 ـ زيد بن ثابت، و
4 ـ أبو زيد.
ونحن ورثناه([1]).
قال في حاشية السندي: «أي لم يجمعه
غيرهم في علمي، أو من الأوس، وإلا فقد كان ممن يجمعه كثير من الصحابة،
كما هو معلوم»([2]).
وعلق القرطبي على حديث أنس هذا بقوله: «إنما أريد بهذا
الحديث الأنصار. وقد جمع القرآن على عهد رسول الله جماعة، منهم:
5 ـ عثمان بن عفان، و
6 ـ علي، و
7 ـ عبد الله بن مسعود، و
8 ـ عبد الله بن عمرو بن العاص، و
9 ـ سالم مولى أبي حذيفة..
رضي الله عنهم» زاد ابن الأثير، هنا قوله: «أخرجه الثلاثة »([3]).
وقد ذكر أبو عمر نفس ما تقدم، في
ترجمة قيس بن السكن، بزعم: أنه هو نفسه أبو زيد. وهو ما قاله غيره
أيضاً([4]).
ولكن قال آخرون:
إن أبا زيد هو «سعد بن عمير، وقيل: ثابت، وقيل: قيس بن السكن»([5]).
وذكره المرزباني وغيره باسم ثابت،
وذكر: أنه أحد الستة، الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله «صلى الله
عليه وآله»([6]).
ولكننا بالنسبة لحديث جمع زيد القرآن في عهد رسول الله،
نجد ابن عبد البر يذكر ما يفيد تشكيك البعض في ذلك؛
فهو يقول:
«.. وقد عارضه قوم بحديث ابن شهاب، عن عبيد بن السباق،
عن زيد بن ثابت: أن أبا بكر أمره، في حين مقتل القراء في اليمامة بجمع
القرآن.
قال: فجعلت أجمع القرآن من العسب، والرقاع، وصدور
الرجال، حتى وجدت آخر آية من التوبة مع رجل يقال له: خزيمة، أو أبو
خزيمة.
قالوا: فلو كان زيد قد جمع القرآن
على عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله»؛ لأملاه من صدره، وما احتاج
إلى ما ذكر..»([7]).
انتهى.
ونزيد نحن هنا: أن محمد بن كعب القرظي، لم يذكر زيد بن
ثابت في عداد من جمع القرآن في عهده «صلى الله عليه وآله»، كما سيأتي..
ولكن يمكن المناقشة في كلام ابن عبد البر، بأنه قد يكون
إنما فعل ذلك، من أجل أن يشعر الناس بالتحري والاطمينان، وعدم
الاستبداد بالرأي في مجالات كهذه، كما ذكروه.
كما أن محمد بن كعب القرظي، قد أهمل ذكر غير زيد أيضاً،
فهو لم يذكر ابن مسعود، ولا علياً «عليه السلام» مثلاً.
ولكن هذه المناقشة لا تكفي لإزالة التساؤل المطروح؛
لأنها لا تعدوا عن أن تكون مجرد احتمال موهون وضعيف..
إذ لعل محمد بن كعب إنما أراد ذكر من اطلع عليهم ـ ممن
جمعوا القرآن من الأنصار، هذا بالإضافة إلى: أن ابن مسعود، قد سجل
اعتراضاً قوياً على تكليفهم زيداً بكتابة القرآن وأهليته لذلك.
وحجته في ذلك:
أنه هو نفسه قد أخذ من فيّ النبيّ «صلى الله عليه وآله» سبعين سورة،
وإن زيداً ليلعب مع الصبيان في الكتاب.
فيبقى ما ذكره ابن عبد البر على قوته..
ومهما يكن من أمرٍ،
فان رواية أنس، ليست هي الوحيدة في هذا المجال؛ إذ أن هناك رواية عن
ابن سيرين يرد فيها نفس هذا السؤال.. فهي قد ذكرت من تقدمت أسماؤهم،
واختلفوا في رجلين من ثلاثة:
10 ـ أبو الدرداء، وعثمان،
وقيل:
عثمان، و
11 ـ تميم الداري([8])،
وفي رواية أخرى عن الشعبي: أنهم ستة؛ فأضاف إليهم: أبا الدرداء، و
12 ـ سعيد بن عبيد([9]).
وفي رواية أخرى، عن محمد بن كعب القرظي؛ أنهم خمسة:
معاذ، وأبي، وأبو الدرداء، و
13 ـ عبادة بن ثابت، و
14 ـ أبو أيوب الأنصاري([10]).
ولعل عبادة بن ثابت، مصحّف عن عبادة بن صامت، كما هو نص
رواية العيني، وإلا فإننا لم نجد لعبادة بن ثابت ترجمة فيما بأيدينا من
كتب تراجم الصحابة.
وزاد ابن النديم على من ذكرهم الشعبي، وأنس: علياً أمير
المؤمنين «عليه السلام»، و
15 ـ عبيد بن معاوية([11]).
وعن علي بن رباح، قال: «جمع القرآن على عهد رسول الله
«صلى الله عليه وآله» علي بن أبي طالب، وأبي بن كعب».
ونص على جمع أبي بن كعب للقرآن في
عهده ابن حبان أيضاً([12]).
وروي عن علي «عليه السلام»، أنه
قال: «ما كتبنا عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلا القرآن، وما في
هذه الصحيفة»([13]).
كما أن ابن حبيب، قد سمّى الذين جمعوا القرآن على عهد
رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وهم: أبو الدرداء، وزيد بن ثابت، وأبو
زيد، ثابت بن زيد، , وأبي، ومعاذ. وأضاف إليهم:
سعد بن عبيد([14]).
ولعله غير سعيد السابق ذكره([15])،
وفيه تحقيق مطول حول اتحاده أو تعدده مع سعيد بن عبيد فراجع.
وقال ابن سعد: «يروي الكوفيون: أنه
فيمن جمع القرآن على عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله»»([16]).
وقالوا: إن ممن جمعه أيضاً:
16 ـ قيس بن أبي صعصعة، وعمر بن زيد
الأنصاري، البدري([17]).
وممن جمعه أيضاً على عهده ـ حسب نص ابن الأثير وغيره ـ.
17 ـ «قيس بن السكن، و
18 ـ أم ورقة بنت نوفل، وقيل: بنت
عبد الله بن الحارث، ذكر ابن سعد:
أنها جمعت القرآن»([18]).
هذا..
وقد جاء النص على جمع قيس بن السكن للقرآن، في كتب التراجم، وغيرها([19]).
وكذا الحال بالنسبة لأم ورقة
أيضاً([20]).
وقالوا أيضاً:
إن
19 ـ مجمع بن حارثة،
قد جمع القرآن على عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله»، باستثناء
سورتين أو ثلاثة، وحسب تعبير البعض: بقي عليه سورة، أو سورتان، حين قبض
النبيّ «صلى الله عليه وآله»([21]).
وعن الداني، عن ابن إسحاق: أن
20 ـ أبا موسى الأشعري، و
21 ـ مجمع بن جارية،
قد جمعا القرآن أيضاً([22]).
ولعل الصحيح هو:
مجمع بن حارثة، وهو المتقدم.
22 ـ وعن عبد الله بن عمرو،
قال: جمعت القرآن ؛ فقرأت به كل ليلة، فبلغ النبيّ؛ فقال: اقرأه في
شهر..([23]).
الحديث..
وقال العيني: الخلفاء الأربعة
جمعوا القرآن على عهد رسول الله، ذكره أبو عمرو، وعثمان بن سعيد
الداني([24]).
فيضاف إلى من تقدم:
23 ـ أبو بكر بن أبي قحافة، و
24 ـ عمر بن الخطاب
وعن عثمان بن عفان قوله: «لقد جمعت
القرآن على عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله»»([25]).
وقال السيوطي عنه؛ إنه: «أحد
الصحابة الذين جمعوا القرآن. بل قال ابن عباد: لم يجمع القرآن من
الخلفاء إلا هو والمأمون»([26]).
ولعلّ مراد ابن عباد بالجمع: الحفظ عن ظهر قلب.
لكن يرد عليه:
أنّ عليّاً «عليه السلام» كان يحفظه أيضاً كذلك، فضلاً عن غيره.
إلى هنا انتهى ما جاء في كتاب حقائق هامة حول القرآن من
ص75 إلى ص97..
وبعد ما تقدم نعود لمتابعة حديثنا معك، فنقول:
د ـ قولك:
كان المعارضون للشيعة يردون عليهم بأن أبا بكر قد جمع القرآن، والقرآن
لم يذكر الإمامة صريحة فانقسم الشيعة في الرد على هذه المسألة الأولى
قسمين:
قسم قالوا:
بذم أبي بكر وصحة القرآن من باب أن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر
إلخ..
نقول لك فيه:
أولاً:
لو ذكرت لنا في أي كتاب وجدت هذا الاستدلال من المعارضين للشيعة على
الشيعة، وفي أي كتاب قال: انقسم الشيعة إلى قسمين في الرد على هذا
الدليل.. أرجو بكل قوة أن تلبي طلبي، وتدلني على مصدر الاستدلال
والرد؟!
ثانياً:
أحب أن تذكر لي أيضاً أسماء زعماء هذين الفريقين، وأين دونوا أقوالهم
هذه كرد على ذلك الاعتراض..
وسأكون لك شاكرا على تلبيتك رجائي هذا طول عمري..
([1])
صحيح البخاري ج2 ص201 وج3 ص147 وفيه رواية أخرى عن ثمامة، عن
أنس، وطبقات ابن سعد ج2 قسم2 ص113 و112، وقال: إنهم خمسة.
وتفسير الخازن ج1 ص7 ولباب التأويل للنيسابوري، بهامش جامع
البيان ج1 ص24 ومناهل العرفان ج1 ص236 والجامع لأحكام القرآن
ج1 ص56 و57، والبحار ج89 ص77 عن: البخاري، ومسلم، والترمذي،
وجامع الأصول. والبرهان للزركشي ج1 ص241 والإتقان ج1 ص70 و71
عن: ابن جرير، والبخاري، وعمدة القاري ج20 ص26 عن مسلم. وتهذيب
تاريخ دمشق ج5 ص448 و137 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج4
(الذيل) ص28 عن مسلم أيضاً. وتاريخ القرآن ص47، وفتح الباري ج9
ص49 وراجع: كنز العمال ج2 ص390، والبيان للخوئي ص269، وراجع
ص270 وعن: بحوث حول علوم القرآن ص215. وبحوث في تاريخ القرآن
وعلومه ص130. وأسد الغابة ج4 ص216، والإستيعاب بهامش الإصابة
ج3 ص224 والجامع الصحيح للترمذي ج5 ص66 وتذكرة الحفاظ ج1 ص31
وراجع ص25 والبداية والنهاية ج7 ص340 عن الصحيحين وراجع ص346.
وسير أعلام النبلاء ج2 ص431. عن المحبر.
([2])
راجع: حاشية السندي على صحيح البخاري: هامش ج3 ص147.
([3])
الإستيعاب بهامش الإصابة ج3 ص224 وأسد الغابة ج4 ص216.
([4])
راجع: الإصابة ج3 ص250 والإستيعاب بهامشه ج3 ص224 وأسد الغابة
ج4 ص216.
([5])
أسد الغابة ج4 ص216 والإصابة ج4 ص78 وج2 ص30 والإستيعاب بهامشه
ج4 ص78.
([6])
نور القبس ص104 و105 وراجع: المحبر ص386 وفتح الباري ج9 ص49
والإتقان ج1 ص72 عن المحبر وعن أبي أحمد العسكري، وعمدة القاري
ج20 ص27 عن المحبر أيضاً.
([7])
الإستيعاب، بهامش الإصابة ج1 ص552.
([8])
طبقات ابن سعد ج2 قسم 2ص113 والبرهان للزركشي ج1 ص241 والنص
له، والإتقان ج1 ص72 عن البيهقي، وتاريخ القرآن ص47.
([9])
طبقات ابن سعد ج2 ص112 و113 و114 والبرهان للزركشي ج1 ص241
والإتقان ج1 ص72 عن البيهقي، وابن أبي داود، وفتح الباري ج9
ص48 ونور القبس ص245 وراجع ص105، وكنز العمال ج2 ص365 وص374 عن
ابن سعد، ويعقوب بن سفيان، والطبراني والحاكم والإيضاح لابن
شاذان ص222 والبيان ص269 عن منتخب كنز العمال ج2 ص214 عن
الطبراني، وابن عساكر، وتهذيب تاريخ دمشق ج5 ص448. وتاريخ
القرآن ص47 وعن بحوث حول علوم القرآن ص214 والإصابة ج2 ص50
ومجمع الزوائد ج9 ص312.
([10])
طبقات ابن سعد ج2 ص113 وفتح الباري ج9 ص48 والإتقان ج1 ص72 عن
ابن أبي داود، وتاريخ القرآن ص47 وكنز العمال ج2 ص365 و374
ومناهل العرفان ج1 ص237 وعمدة القاري ج20 ص27 عن: ابن عساكر،
لكن فيه: عبادة بن الصامت، بدل: عبادة بن ثابت وحياة الصحابة
ج3 ص221 عن بعض من تقدم، وعن التاريخ الصغير ص22 مختصراً.
([11])
الفهرست ص30 وتاريخ القرآن للزنجاني ص46 وتاريخ القرآن
للأبياري ص95.
([12])
مشاهير علماء الأمصار ص12.
([13])
تاريخ واسط ص102 وكنز العمال ج17 ص105 عن مصادر كثيرة وتذكرة
الحفاظ ج1 ص12.
([14])
المحبر ص386 والإتقان ج1 ص72 عنه وعن أبي أحمد العسكري، وكذا
في فتح الباري ج1 ص49. وعمدة القاري ج20 ص27 عن المحبر.
([15])
راجع في جمع سعد بن عبيد للقرآن: عمدة القاري ج20 ص27
والإستعياب، بهامش الإصابة ج2 ص41 والإصابة ج2 ص31 وص50 وأسد
الغابة ج2 ص313 و314.
([16])
طبقات ابن سعد (ط صادر) ج3 ص458.
([17])
عمدة القاري ج20 ص27 عن أبي عبيد في حديث مطول، والإتقان ج1
ص72 عن ابن حجر، وابن أبي داود. وتاريخ الخلفاء ص147.
([18])
عمدة القاري ج20 ص27 وراجع: الإتقان ج1 ص72، وتاريخ القرآن
للأبياري ص108 وحلية الأولياء ج2.
([19])
راجع: الإصابة ج3 ص250 والإستيعاب بهامشها ج2 ص224 وأسد الغابة
ج4 ص216.وطبقات ابن سعد ط صادر ج3 ص513.
([20])
راجع بالإضافة إلى ما تقدم: طبقات ابن سعد ج8 ص335 والتراتيب
الإدارية ج1 ص47 وتاريخ القرآن للزنجاني ص41، والبيان للخوئي
ص273. وصرح بأنها قرأت القرآن في أسد الغابة ج5 ص626 وفي
الإصابة ج4 ص505.
([21])
طبقات ابن سعد ج2 قسم 2 ص113 وتهذيب تاريخ دمشق ج5 ص448
والتراتيب الإدارية ج1 ص46 وكنز العمال ج2 ص374 عن ابن سعد،
ويعقوب بن سفيان، والطبراني، والحاكم ومجمع الزوائد ج9 ص312.
([22])
عمدة القاري ج20 ص27، وذكر أبا موسى، في: الإتقان ج1 ص72 عن
الداني.
([23])
الإتقان ج1 ص72 عن النسائي، بسند صحيح، ومناهل العرفان ج1 ص237
عن النسائي بسند صحيح أيضاً، وفتح الباري ج9 ص47، وتفسير
القرآن العظيم لابن كثير ج4 (الذيل) ص29 عن النسائي، وابن
ماجة، والمصنف لعبد الرزاق ج3 ص355 وعمدة القاري ج20 ص27، عن
أبي عمر وكنز العمال ج2 ص208/209 عن ابن عساكر، وعن مسند أبي
يعلى ومباحث في علوم القرآن ص120 والبيان للخوئي ص269، وبحوث
في تاريخ القرآن وعلومه ص130 وتفسير الميزان ج12 ص121.
([24])
عمدة القاري ج20 ص27.
([25])
عمدة القاري ج20 ص27.
([26])
تاريخ الخلفاء 148.
|