صفحة :240   

2 ـ جمع القرآن في عهد رسول الله :

 

دعواك أن أبا بكر هو الذي جمع القرآن.. لا تصح فإن القرآن جمع على عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فلا معنى للحديث عن فعل وردة فعل.. ويدل على ذلك ما ورد أيضاً في كتاب حقائق هامة حول القرآن، حيث ذكر الأدلة التالية:

الأول: الحكمة البالغة:

 ولا شك في أن ترك النبي «صلى الله عليه وآله» للقرآن، الذي هو حجة على أمته، والذي تقوم به دعوته، والفرائض التي جاء بها من عند ربه، وبه يصح دينه ـ إن تركه ـ مفرقاً، ولم يجمعه، ولم ينصه، ولم يحفظه، ولم يحكم الأمر في قراءته، وما يجوز من الاختلاف، وما لا يجوز، وفي إعرابه، ومقداره، وتأليف سوره وآيه.. لهو خلاف الحكمة، وخلاف التدبير الصائب، بل إن هذا لا يتوهم في رجل من عامة المسلمين، فكيف برسول رب العالمين، كما قال البلخي، وأيده السيد ابن طاووس رحمه الله تعالى([1]).

وعلى حد قول الإمام شرف الدين:

«.. ومن عرف النبيّ «صلى الله عليه وآله» في حكمته البالغة، ونبوته الخاتمة، ونصحه لله، ولكتابه، ولعباده، وعرف مبلغ نظره في العواقب، واحتياطه على أمته في مستقبلها، إن من المحال عليه أن يترك القرآن منثوراً، مبثوثاً، وحاشا هممه، وعزائمه، وحكمة المعجزة عن ذلك»([2]).

الثاني: الواقع التاريخي:

إنه لا يرتاب أحد من الناس، في أنه قد كان للنبيّ «صلى الله عليه وآله» كتاب يكتبون الوحي وكان النبي «صلى الله عليه وآله»، قد رتبهم لذلك. وقد نص المؤرخون على أسمائهم وقد أنهاهم البعض إلى اثنين وأربعين رجلاً([3]).

ويدل على ذلك أيضاً:

نصوص كثيرة جداً، نذكر منها: بالإضافة إلى أنه قد أشير إلى كتابة القرآن في قوله تعالى: ﴿رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً﴾([4])..

انه قد روي عن زيد بن ثابت، قال: «كنت أكتب الوحي لرسول الله «صلى الله عليه وآله». وكان إذا نزل عليه الوحي أخذته برحاء شديدة، فكنت أدخل عليه بقطعة الكتف؛ أو كسرة؛ فأكتب، وهو يملي علي، فإذا فرغت، قال: اقرأه؛ فأقرؤه، فان كان فيه سقط أقامه، ثم أخرج به إلى الناس..»([5]).

وهذا يعني: أن النبيّ «صلى الله عليه وآله»، كان يشرف بنفسه مباشرةً على ما يكتب، ويراقبه، ويصححه..

كما أنه كان «الوحي إذا نزل، أمر أحد الكتاب، كزيد، وغيره: أن يكتب ذلك الوحي»([6]).

وعن البراء: أن النبيّ «صلى الله عليه وآله» قال له: ادع لي زيداً، وقل له: يجيء بالكتف والدواة، واللوح؛ فلما جاء، قال له: اكتب: لا يستوي القاعدون إلخ..([7]).

ويؤيد ذلك ما قالوه من أنه: «قد ورد: أن جبرئيل «عليه السلام» كان يقول: ضعوا كذا في موضع كذا..»([8]).

وعن ابن عباس: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله»، كان إذا نزل عليه الشيء دعا من كان يكتب؛ فيقول: ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا([9]).

لكن في غرائب القرآن للنيسابوري،([10]) هكذا: «ضعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا»..

وروي قريب من هذا عن عثمان بن عفان أيضاً([11]).

ويشهد له أيضاً: ما روي عن عثمان بن أبي العاص، حيث ذكر مورداً حصل فيه ذلك..([12]).

ويؤيده رواية أخرى عن ابن عباس، والسدّي..([13]).

ولكننا نعتقد: أن ذلك قد حصل في موارد قليلة، حيث إن القرآن نزل في معظمه سوراً كاملة، باستثناء سورة البقرة على ما يظهر، وسيأتي بعض ما يرتبط بذلك، حين الحديث عن المصاحف في زمنه «صلى الله عليه وآله»..

ويلاحظ هنا:

ألف: إنه يبدو أن كتابة القرآن قد بدأت في مكة، ويشهد لذلك ما روي في حديث إسلام عمر بن الخطاب: أنه وجد في بيتِ أخته صحيفتين، كتب فيهما طائفة من القرآن، فالتمس لها قارئاً؛ فلما قرئت عليه أسلم..([14]).

كما وصرح العسقلاني وغيره بأن أول من كتب القرآن بمكة من قريش: عبد الله بن سعد بن أبي سرح([15]).

وقال ابن كثير: معلقاً على دعوى: أن أبي بن كعب أول من كتب الوحي: «السور المكية لم يكن أبي بن كعب حال نزولها، وقد كتبها الصحابة بمكة»([16]).

باء: هذا.. ولا يبعد أن يكون المسلمون قد نقلوا ما كتبوه من القرآن إلى المدينة، ولأجل ذلك نجد بعض الآيات المكية في سورة مدنية، وبالعكس([17]).

وإن كان ربما يقال: إنهم قد حفظوا تلك الآيات، ثم دونوها من جديد في المدينة.

جيم: إننا نلاحظ: أن أول ما نزل عليه «صلى الله عليه وآله» من القرآن، قد جاء فيه ذكر القراءة، والكتابة بالقلم، بل قيل: إنه نزل مكتوباً في قطيفة([18]).

ألا وهو قوله تعالى: ﴿ اقْرَأ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾([19]) كما ونجد إشادة القرآن بـ ﴿الْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾([20])، ثم هو قد ذكر أدوات الكتابة، كالقلم والرق، والقرآن والمداد.. في مواضع من كتابه الكريم.

ثم إنه قد قال الله تعالى في سورة البينة: ﴿رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً﴾([21]) في إشارة منه تعالى إلى ذلك..

الثالث: لا تكتبوا عني سوى القرآن:

هذا.. وقد روى أهل السنة عن النبيّ «صلى الله عليه وآله» ـ وإن كنا نعتقد بعدم صحة ذلك ـ : أنه «صلى الله عليه وآله»، قد منع من كتابة أي شيء سوى القرآن، وأنه «صلى الله عليه وآله» قال:

«لا تكتبوا عني إلا القرآن، ومن كتب عني شيئاً غير القرآن فليمحه»([22]).

ولعله ـ لو صح الحديث ـ قد قال ذلك لخصوص من كانوا يكتبون الوحي بين يديه «صلى الله عليه وآله»؛ حرصاً منه «صلى الله عليه وآله»، على أن لا يختلط القرآن بتفسيراته، وتأويلاته، التي يذكرها «صلى الله عليه وآله» من وقت لآخر ؛ إذ قد يوجب ذلك أن يشتبه الأمر على البعض، أو حتى، قد يحاول البعض: أن يدخل بعض ذلك من عند نفسه..

لا أنه «صلى الله عليه وآله» قد منع من كتابة غير القرآن مطلقاً في زمانه، كما زعمه البعض([23]).

الرابع: تأليف القرآن عند الرسول :

عن زيد بن ثابت، قال: «كنا عند رسول الله «صلى الله عليه وآله» نؤلف القرآن من الرقاع».

قال الحاكم: «وفيه الدليل الواضح، على أن القرآن إنما جمع على عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله»».

وفي نص آخر عن الحاكم، عن زيد: «كنا حول رسول الله «صلى الله عليه وآله»، نؤلف القرآن؛ إذ قال إلخ..»([24]).

الخامس: حديث علي :

عن علي «عليه السلام»، قال: «ما كتبنا عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلا القرآن، وما في هذه الصحيفة([25]).. إلخ.».

وفي هذا الحديث كلام طويل؛ إذ قد كتبوا عنه «صلى الله عليه وآله» أشياء أخرى، وتحقيق ذلك موكول إلى مقام آخر.

السادس: المصحف الذي تركه الرسول :

لقد كانت ـ حسبما صرحت به بعض الروايات ـ هناك نسخة من القرآن الكريم، المكتوب في العسب، والحرير، والأكتاف، في بيت رسول الله «صلى الله عليه وآله»، خلف فراشه([26]). وقد أمر «صلى الله عليه وآله» علياً أمير المؤمنين «عليه السلام» بأن يأخذه ويجمعه، حسبما سيأتي إن شاء الله تعالى..

وسيأتي أيضاً تصريح أمير المؤمنين «عليه السلام» بأنه ما من آية نزلت، إلا وقد أملاها عليه رسول الله، وكتبها بخط يده.

السابع: القرآن أساس الإسلام:

لقد نص المؤرخون: على أنه قد كان عند النبيّ «صلى الله عليه وآله» كتّاب مخصوصون: للمعاهدات، ولخرص النخل، والمداينات، كما أنه «صلى الله عليه وآله» قد أمرهم بأن يكتبوا له كل من تلفظ بالإسلام، قبل عام الحديبية؛ فكتب له معاذ ألفاً وخمس مئة رجل..

كما أنهم كان لديهم دواوين للجيوش، ومن يتعين خروجه للمغازي([27]) وما إلى ذلك..

فهل يعقل: أن يهتم النبيّ «صلى الله عليه وآله»، بكتابة كل ذلك، ولا يهتم بكتابة القرآن، الذي هو أساس الإسلام، وعماد الدين؟!.

وهل كتابة بعض الدراهم المقترضة، أولى عند نبي الله، من كتابة كتاب الله سبحانه؟!.

ثم إنه هل كان يكتب كل ذلك على العسب، والأكتاف، واللخاف المتفرقة، أم أنها كانت مرتبة ومحفوظة على شكل كتب، يسهل تناولها والرجوع إليها؟!..

إن ذلك ـ لو صح ـ فإنه لا يصدر عن أي إنسان عادي، فكيف بالنبيّ الأكرم «صلى الله عليه وآله»، عقل الكل، ومدبر الكل، ورئيس الكل؟!..

الثامن: المصاحف في عهد رسول الله :

وهناك طائفة من الأحاديث تفيد: أن المصاحف كانت موجودة على عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله»، عند الصحابة: تامة، أو ناقصة، وكانوا يقرؤونها، ويتداولونها، وقد قرر النبيّ الأكرم «صلى الله عليه وآله» لها طائفة من الأحكام، كما سيتضح من النصوص التي سوف نوردها إن شاء الله تعالى..

ولو لم يكن هناك تدوين وجمع، بالمعنى الذي يتبادر إلى الذهن، لما كانت تلك المصاحف أصلاً، ولا كان ثمة مبرر لإطلاق لفظ (مصحف)، أو (مصاحف) عليها.. ولا كان معنى لاختلاف هذه المصاحف فيما بينها، حسبما تدعيه الروايات، كما يتضح من كتاب المصاحف للسجستاني، وتاريخ القرآن للزنجاني، وغيرهما..

بل لقد ادعى الآمدي: «أن المصاحف المشهورة في زمن الصحابة، كانت مقروءة عليه، ومعروضة»([28]).

وإليك طائفة من النصوص، التي صرحت بوجود المصحف أو المصاحف في زمنه «صلى الله عليه وآله»:

1 ـ عن عقبة بن عامر، عن أبيه: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قال: تعلموا كتاب الله، وتعاهدوه، واقتنوه، وتغنوا به؛ فوالذي نفسي بيده، لهو أشد تفلتاً من المخاض في العُقل([29]).

2 ـ عن المهاجر بن حبيب، قال: قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: يا أهل القرآن، لا توسدوا القرآن، واتلوه حق تلاوته، آناء الليل والنهار، وتغنوه، وتقنوه، واذكروا ما فيه لعلكم تفلحون. وهذا مرسل.

ثم قال أبو عبيد: قوله: (تغنوه)، أي اجعلوه غناءكم من الفقر، ولا تعدوا الإقلال فقراً. وقوله: (وتقنوه) يقول: اقتنوه، كما تقتنوا الأموال، اجعلوه مالكم..([30]).

3 ـ عن عبد بن عمرو: أن رجلاً أتى النبيّ «صلى الله عليه وآله» بابن له، فقال: يا رسول الله، إن ابني هذا يقرأ المصحف بالنهار، ويبيت بالليل.

فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: أما تنقم: أن ابنك يظل ذاكراً، ويبيت سالماً؟!([31]).

4 ـ عن عثمان بن عبد الله بن أوس، عن النبيّ «صلى الله عليه وآله»:

«من قرأ القرآن في المصحف، كانت له ألفا حسنة، ومن قرأه في غير المصحف ـ فأظنه قال ـ: كألف حسنة..»([32]).

5 ـ عن أوس الثقفي، عنه «صلى الله عليه وآله»، قال:

«قراءة الرجل في غير المصحف ألف درجة، وقراءته في المصحف، تضاعف على ذلك إلى ألفي درجة»([33]).

6 ـ وعن عائشة، مرفوعاً في حديث:

«.. والنظر في المصحف عبادة..»([34]).

7 ـ عن ابن مسعود، مرفوعاً: من سرّه أن يحب الله ورسوله، فليقرأ في المصحف، وقد وصفوا هذا الحديث بأنه منكر([35]).

8 ـ وأخرج البيهقي بسند حسن، عن ابن مسعود، موقوفاً:

«أديموا النظر في المصحف»([36]).

9 ـ عن عبد الله بن الزبير، عنه «صلى الله عليه وآله»:

«من قرأ القرآن ظاهراً، أو نظراً، أعطاه شجرة في الجنة إلخ..»([37]).

10 ـ عن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ «صلى الله عليه وآله»:

«أعطوا أعينكم حظها من العبادة.

قالوا: وما حظها من العبادة يا رسول الله؟!.

قال: النظر في المصحف، والتفكر فيه، والاعتبار عند عجائبه»([38]).

11 ـ وعنه «صلى الله عليه وآله»:

«ليس شيء أشد على الشيطان من القراءة في المصحف نظراً»([39]).

12 ـ نهى رسول الله «صلى الله عليه وآله»: أن يسافر بالمصاحف إلى أرض الشرك، مخافة أن يتناول منه شيء.

وفي بعض النصوص كلمة (بالقرآن) بدل: المصحف، وفسر السيوطي وابن قتيبة وصاحب المعتصر كلمة «القرآن» بالمصحف([40]).

وهو الصحيح؛ فان المراد: السفر بالقرآن المكتوب، لا المحفوظ في الصدور.

13 ـ عن أبي أمامة، عنه «صلى الله عليه وآله»:

«لا تغرنكم هذه المصاحف المعلقة، إن الله تعالى، لا يعذب قلباً وعى القرآن»([41]).

14 ـ عن ابن عباس، عنه «صلى الله عليه وآله»:

«من أدام النظر في المصحف، متع ببصره، ما دام في الدنيا»([42]).

15 ـ وعنه «صلى الله عليه وآله»:

«لا تمس المصحف، وأنت غير طاهر».

روى ذلك عنه «صلى الله عليه وآله» عثمان بن أبي العاص، وبمعناه عن حكيم بن حزام، وعن أبي العاص، عنه «صلى الله عليه وآله»([43]).

 16 ـ عن أبي الدرداء، عن النبيّ «صلى الله عليه وآله»:

«إذا زخرفتم مساجدكم، وحليتم مصاحفكم، فالدمار عليكم»([44]).

17 ـ وروى ابن ماجة، وغيره عن أنس، مرفوعاً:

«سبع يجري للعبد أجرهن، وهو في قبره، وعد منهن: من ورث مصحفاً»([45]).

18 ـ وعنه «صلى الله عليه وآله»، في حديث:

فانه سيأتي زمان يسرى على القرآن في ليلة ؛ فيسلخ من القلوب، والمصاحف»([46]).

19 ـ عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»:

«من علّم ابنه القرآن نظراً، غفر له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر، ومن علّمه إياه ظاهراً، بعثه الله يوم القيامة كالقمر ليلة البدر إلخ..»([47]).

20ـ وعنه «صلى الله عليه وآله»:

«الغرباء في الدنيا أربعة: قرآن في جوف ظالم، ومسجد في نادي قوم لا يصلى فيه، ومصحف في بيت لا يقرأ فيه، ورجل صالح مع قوم سوء»([48]).

النبيّ يعطي البعض مصحفاً:

أضف إلى ما تقدم: أننا نجد النبيّ «صلى الله عليه وآله» يعطي البعض مصحفاً، طلبه منه، فقد روي ذلك عن عثمان بن أبي العاص، حين جاء وفد ثقيف إلى النبيّ «صلى الله عليه وآله»، قال عثمان:

«.. فدخلت على رسول الله «صلى الله عليه وآله»؛ فسألته مصحفاً، كان عنده؛ فأعطانيه..»([49]).

التاسع: شيوع كتابة القرآن في عهد رسول الله :

ومما يشهد لكتابة كثير من الصحابة للقرآن في عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله»، إضافة إلى ما تقدم؛ وإلى الأحاديث التي صرحت بوجود المصحف في عهده «صلى الله عليه وآله» بصورة واسعة، الروايات التالية:

1 ـ ما روي عن النبيّ «صلى الله عليه وآله» أنه قال:

«فضل القرآن نظراً، على من قرأ ظاهراً، كفضل الفريضة على النافلة..»

قال السيوطي عنه: إن سنده صحيح([50]).

2 ـ عن أبي الدرداء، مرفوعاً:

«من قرأ ماءتي آية، كل يوم نظراً، شفع في سبعة قبور حول قبره إلخ..»([51]).

3 ـ وعنه «صلى الله عليه وآله»:

«أفضل عبادة أمتي تلاوة القرآن نظراً»([52]).

4 ـ وعن أنس، عنه «صلى الله عليه وآله»:

«من قرأ القرآن نظراً، متع ببصره»([53]).

5 ـ عن عائشة، عنه «صلى الله عليه وآله»:

«أكرموا القرآن، ولا تكتبوه على حجر، ولا مدر، ولكن اكتبوه فيما يمحى، ولا تمحوه بالبزاق، وامحوه بالماء»([54]).

6 ـ عن ابن الزبير، عنه «صلى الله عليه وآله»:

«من ختم القرآن عن ظهر قلبه، أو نظرأً، أعطاه الله شجرة في الجنة»([55]).

7 ـ عن حذيفة، عنه «صلى الله عليه وآله»:

«من قرأ القرآن ظاهراً، أو ناظراً، حتى يختمه، غرس الله له به شجرة في الجنة.. إلخ»([56]).

8 ـ وعن معاذ، عنه «صلى الله عليه وآله»:

«لا تمحوا كتاب الله بالأقدام»([57]).

9 ـ عن عمر بن عبد العزيز، قال: مر رسول الله «صلى الله عليه وآله» بكتاب في الأرض، فقال:

«لعن الله من فعل هذا، لا تضعوا كتاب الله إلا موضعه..»([58]).

العاشر: الذين جمعوا القرآن في عهده :

لقد ذكر المؤرخون والمؤلفون، جمعاً من الصحابة، قالوا: إنهم قد جمعوا القرآن في عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ويستثنون بعضهم ؛ فيقولون: إنه قد جمع القرآن، باستثناء سورتين، أو ثلاثة..

ومن الواضح؛ أن المراد بالجمع، هو ما قابل التفرق؛ فان القرآن قد نزل متفرقاً ونجوماً؛ فكان الصحابة ـ أو طائفة منهم ـ يهتمون بالحصول على ما نزل، وضمه إلى ما عندهم، ويتابعون ذلك باستمرار.. وطبيعي أن يكون ذلك على سبيل الكتابة، وضم الجديد إلى القديم، على هذا النحو.

والقول بأن المراد بجمعه: هو الحفظ في الصدور..

لا يستقيم.. لأن حفاظ القرآن في عهده «صلى الله عليه وآله» كثيرون، وقد قتل في بئر معونة كما رووا ـ وإن كنا لم نوافق على هذا العدد([59]) ـ : سبعون رجلاً من القراء..

وسيأتي: أنه قتل في وقعة اليمامة، أي بعد وفاته «صلى الله عليه وآله» بأشهر قليلة، مثل هذا العدد من القرّاء أيضاً.. بل قيل: إن المقتولين في اليمامة كانوا أربع مئة، أو قريب خمس مئة.

وحسب تعبير عروة بن الزبير في مقام بيانه لسبب أمر أبي بكر بجمع القرآن:

«إنه قتل باليمامة ناس، من أصحاب رسول الله «صلى الله عليه وآله»، قد جمعوا القرآن»([60]).

كما أن هؤلاء الذين عدّوهم في من جمع القرآن، قد كانت لهم مصاحف تخصهم، كزيد، وابن مسعود، وعلي، وأبي.. وقد بقي بعضها بعد موتهم، مئات السنين([61]).

هذا.. عدا عن مصاحف أخرى، كانت منتشرة في عهده «صلى الله عليه وآله»، حسبما قدمناه.

فإذا أردنا إضافة الصحابة القرّاء، الذين قتلوا في حرب اليمامة، إلى من ورد ذكرهم فيما يلي من نصوص؛ فإن الرقم لسوف يصبح كبيراً جداً، كما هو ظاهر..

بقي أن نشير: إلى أن من الجائز: أن يكون الذي لدى هؤلاء، وأولئك، يختلف في ترتيبه عن بعضه البعض، وقد تنقص السورة أو السورتان من بعض المصاحف أيضاً.. وذلك لا يضر فيما نريد إثباته، وإنما هو يثبته ويؤكده..


 

([1]) راجع: سعد السعود ص192/193.

([2]) أجوبة مسائل موسى جار الله ص31.

([3]) راجع أسماء هؤلاء في: الوزراء والكتاب ص12 و13 والسيرة الحلبية ج3 ص326/327، وتجارب الأمم ج1 ص161/162 والبداية والنهاية ج7 ص339 فما بعدها. وراجع بحث (كتّاب الوحي) في كتاب: بحوث في تاريخ القرآن وعلومه.. وراجع أيضاً: فتح الباري ج9ص19 و20 وترجمة زيد بن ثابت في صفة الصفوة ج1 ص704 وغير ذلك من مصادر.

([4]) سورة البينة: الآية2.

([5]) مجمع الزوائد ج1ص152 عن الطبراني في الأوسط، وتاريخ القرآن للصغير ص80 عن أدب الكاتب للصولي ص165.

([6]) دلائل النبوة للبيهقي ج1 ص241. وراجع: سير أعلام النبلاء ج2 ص429 وفي هامشه عن الطبراني ومجمع الزوائد ج9ص17.

([7]) تهذيب تاريخ دمشق ج5 ص447 وصحيح البخاري ج3 ص145 وفتح الباري ج9 ص20 والبداية والنهاية ج7 ص347 وسير أعلام النبلاء ج2 ص430 ومسند أحمد ج5 ص184و191.

([8]) راجـع: لباب التأويـل للخازن ج1 ص8 ومناهـل العرفـان ج1 ص240 ومباحث في علوم القرآن ص142 عن الإتقان ص62 ج1 عن ابن الحصار.

([9]) الجامع الصحيح للترمذي ج5 ص272 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص43 والإتقان ج1 ص62 والبرهان للزركشي ج1 ص241 عن الترمذي، والحاكم. والتمهيد ج1 ص213 وتاريخ القرآن للصغير ص81 عن: مدخل إلى القرآن الكريم لدرّاز ص34.

([10]) بهامش جامع البيان للطبري ج1 ص24 ومناهل العرفان ج1 ص240.

([11]) مستدرك الحاكم ج2 ص330 و221 وتلخيصه للذهبي بهامشه وغريب الحديث ج4 ص104، والبرهان للزركشي ج1 ص234 /235 وراجع ص61 وغرائب القرآن بهامش جامع البيان ج1 ص24 وفتح الباري ج9 ص19 و20 و39 و38، وكنز العمال ج2 ص367 عن أبي عبيد في فضائله، وابن أبي شيبة، وأحمد، وأبي داود، والترمذي، وابن المنذر، وابن أبي داود، وابن الأنباري معاً في المصاحف، والنحاس في ناسخه، وابن حبان، وأبي نعيم في المعرفة، والحاكـم وسعيد بـن منصـور، والنسائي، والبيهقي، وفـواتـح الرحموت بهامش المستصفى ج2 ص12 عن بعض من ذكر، والدر المنثور ج3 ص207 و208 عن بعض من ذكر، وعن أبي الشيخ، وابن مردويه ومشكل الآثار ج2 ص152 والبيان ص268 عن بعض من تقدم، وعن الضياء في المختارة، ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج2 ص48 وراجع: بحوث في تاريخ القرآن وعلومه ص103 ومناهل العرفان ج1 ص347 ومباحث في علوم القرآن ص142 عن بعض من تقدم، وتاريخ القرآن للصغير ص92 عن أبي شامة في المرشد الوجيز، وجواهر الأخبار والآثار بهامش البحر الزخار ج2 ص245 عن أبي داود والترمذي وسنن أبي داود ج1 ص209 والسنن الكبرى للبيهقي ج2 ص42 وأحكام القرآن للجصاص ج1 ص10 ومسند أحمد ج1 ص57 و69.

([12]) الإتقان ج1 ص60 وراجع: التمهيد ج1 ص213، وبحوث في تاريخ القرآن وعلومه ص103، ومباحث في علوم القرآن ص140 و145 عن أحمد بإسناد حسن وكنز العمال ج2 ص10 عن أحمد.

([13]) راجع: تفسير مجمع البيان ج2 ص394 والجامع لأحكام القرآن ج1 ص60/61 والتمهيد ج1ص213.

([14]) تاريخ القرآن للأبياري ص108/109 وعلوم القرآن الكريم ص153 وراجع: الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم«صلى الله عليه وآله» ج2 ص87 ـ 90 عن طائفة كبيرة من المصادر وراجع: كشف الأستار ج3 ص169 ومجمع الزوائد ج9 ص63.

([15]) فتح الباري ج9ص19 والسيرة الحلبية ج3 ص326.

([16]) البداية والنهاية ج7 ص340.

([17]) الإتقان ج1 ص14 ـ 18.

([18]) الإتقان ج1ص24 عن ابن أشتة في كتاب المصاحف وراجع: علوم القرآن الكريم ص154.

([19]) سورة العلق: الآية 1ـ4.

([20]) سورة القلم: الآية 1.

([21]) سورة البينة: الآية 2.

([22]) راجع: تأويل مختلف الحديث ص286 وجامع بيان العلم ج1 ص76 ومسند أحمد ج3 ص21 و12 و39 و56 وج6 ص182 وسنن الدارمي ج1 ص119 وتقييد العلم ص28 حتى ص32 ومجمع الزوائد ج1 ص151 عن البزار وكنز العمال ج1 ص179 عن البزار أيضاً. والأسرار المرفوعة ص9 عن مسلم والترمذي، والنسائي وصحيح مسلم ج8 ص229 وفتح الباري ج9 ص10 و11.

([23]) تاريخ القرآن للأبياري ص108.

([24]) راجع: مستدرك الحاكم ج2 ص611 و129 وتلخيصه للذهبي بهامشه، وصححاه على شرط الشيخين. والبرهان للزركشي ج1 ص237 و256 و235 عن الحاكم والبيهقي في كتاب المدخل، وفي الدلائل، وفواتح الرحموت، بهامش المستصفى ج2 ص13 والإتقان ج1 ص57 و60 ومناهل العرفان ج1 ص240 والبيان للخوئي ص273 وبحوث في تاريخ القرآن وعلومه ص105 و126 و130 ومسند أحمد ج5ص185.

([25]) تاريخ واسط ص102 وكنز العمال ج17 ص105 عن أحمد، وعبد الرزاق، والبخاري، ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن خزيمة، وأبي عوانة، والطحاوي، وابن حبان، والبيهقي، وأبي يعلى، والطيالسي. وتذكرة الحفاظ ج1 ص12.

([26]) راجع: تاريخ القرآن للزنجاني ص64 و44 و45، وراجع: تفسير البرهان (المقدمة) ص36 عن تفسير القمي، وعمدة القاري ج20 ص16 والبحار ج89 ص48 وراجع ص52 وراجع أيضاً: الإتقان ج1ص58 و57 ومناقب آل أبي طالب، لابن شهرآشوب ج2 ص41 وتفسير القمي ج2 ص451 والمحجة البيضاء ج2 ص264 وتاريخ القرآن للأبياري ص84 و106 وتفسير الصراط المستقيم ج1 ص366 (الهامش) والوافي ج5 ص274.

([27]) راجع طائفة من مصادر التي ذكرت في كتاب: السوق في ظل الدولة الإسلامية ص68.

([28]) تاريخ القرآن للصغير ص77 وتاريخ القرآن للزنجاني ص39.

([29]) سنن الدارمي ج2 ص439 وراجع: مسند أحمد ج4 ص150 و153 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج4 (الخاتمة) ص34 عن أبي عبيد، وعن النسائي.

([30]) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج4 (الخاتمة) ص34.

([31]) مسند أحمد ج2 ص173.

([32]) البرهان للزركشي ج1 ص462 عن البيهقي في شعب الإيمان، وكنز العمال ج1 ص477 عنه أيضاً، وعن ابن عدي في الكامل، وراجع: الإتقان ج1 ص108.

([33]) البرهان للزركشي ج1 ص462 عن الطبراني، والإتقان ج1 ص108 وكنز العمال ج1 ص460 عن الطبراني وعن البيهقي في شعب الإيمان، وتاريخ القرآن للصغير ص84 ومجمع الزوائد ج7 ص165.

([34]) البرهان للزركشي ج1 ص463 عن أبي داود.

([35]) الإتقان ج1ص108 وكنز العمال ج1 ص534 عن البيهقي في شعب الإيمان، وعن حلية الأولياء لأبي نعيم. وتاريخ القرآن للصغير ص84 عن البيهقي.

([36]) الإتقان ج1 ص108 وتاريخ القرآن للصغير ص84 عن البيهقي ومجمع الزوائد ج7 ص165 عن الطبراني.

([37]) كشف الأستار عـن مسند البزار ج3 ص93/94 وعن مجمع الزوائد ج7 ص171.

([38]) المحجة البيضاء ج2ص231 عن البيهقي في شعب الإيمان، كما عن الجامع الصغير، وكنز العمال ج1 ص455 ونوادر الأصول ص333، وعن صحيح ابن حبان.

([39]) ثواب الأعمال ص129 والوسائل ج4 ص853..

([40]) كنز العمال ج2 ص223 و424 عن ابن أبي داود. وراجع ص214 وج1 ص464 و544 و547 عن مسلم، وأبي داود، وابن ماجة، وابن أبي داود، ومستدرك الحاكم، وحلية الأولياء.

وراجع أيضاً: سنن أبي داود ج3 ص36 وصحيح مسلم ج6 ص30 وتاريخ القرآن للصغير ص85 ومسند الحميدي ج2 ص306، وصحيح البخاري ج2 ص109، وموطأ مالك (المطبوع مع تنوير الحوالك) ج2 ص5، وشرح الموطأ للزرقاني ج3 ص278 وكشف الأستار ج2 ص272  ومشكل الآثار ج2 ص368 ـ 370 والمصنف لعبد الرزاق ج5ص212، والمحلى ج7 ص349 والمعتصر عن المختصر ج1 ص27 وسنن ابن ماجة ج2 ص961 وسنن البيهقي ج9 ص102 ونصب الراية ج3 ص383 و384 وفتح الباري ج6 ص93 وفيه بحث، وتأويل مختلف الحديث ص202 ومجمع الزوائد ج5 ص256 عن البزار وعن صحيح مسلم، كتاب الإمارة ج2 ص131.

([41]) كنز العمال ج1 ص477 ونوادر الأصول ص333.

([42]) كنز العمال ج1 ص477 عن أبي الشيخ.

([43]) كنز العمال ج1 ص548 و543 عن ابن أبي داود في المصاحّف، وعن الترمذي، وأبي داود، ومستدرك الحاكم، والطبراني في الكبير، والدارقطني في سننه.

([44]) نوادر الأصول ص334.

([45]) تاريخ القرآن للصغير ص84 عن الإتقان للسيوطي ج4 ص166.

([46]) كنز العمال ج1 ص170 عن الديلمي، عن معاذ.

([47]) مجمع الزوائد ج7 ص165/166 عن الطبراني في الأوسط.

([48]) كنز العمال ج1 ص544 عن الديلمي في الفردوس، وتاريخ القرآن للصغير ص84 عن فيض القدير للمناوي.

([49]) مجمع الزوائد ج9 ص371 وحياة الصحابة ج3 ص244.

([50]) البرهان للزركشي ج1 ص462 والإتقان ج1 ص108 عن أبي عبيد في فضائل القرآن، وكنز العمال ج1 ص459 عنه أيضاً، وقريب منه في ص460 و541، عن ابن مردويه، ومحاضرات الأدباء، المجلد الثاني ص437 و435.

([51]) البرهان للزركشي ج1ص462، عن أبي داود، وكنز العمال ج1 ص477 عنه أيضاً، وعن الديلمي.

([52]) آداب المتعلمين للطوسي، الملحق بشرح الباب الحادي عشر ص151 والمحجة البيضاء ج2 ص231 وكنز العمال ج1 ص255 و469 عن نوادر الأصول للحكيم الترمذي.

([53]) كنز العمال ج1 ص477 عن ابن النجار.

([54]) كنز العمال ج1 ص493 عن الديلمي.

([55]) كنز العمال ج1 ص478 عن ابن مردويه، وراجع: كشف الأستار ج3 ص93 /94 ومجمع الزوائد ج7 ص165.

([56]) كنز العمال ج1 ص478 عن الرافعي، عن الطبراني، وعن الحاكم في المستدرك، وابن مردويه وعن البيهقي في شعب الإيمان.

([57]) كنز العمال ج1 ص549 عن أبي نصر السجزي في الإبانة.

([58]) كنز العمال ج1 ص549 عن الحكيم الترمذي في نوادر الأصول.

([59]) بحثنا ذلك في الجزء الخامس من كتاب: الصحيح من سيرة النبيّ  الأعظم «صلى الله عليه وآله» حين الحديث على غزوة بئر معونة.

([60]) كنز العمال ج2 ص363 عن ابن سعد.

([61]) راجع: الفهرست لابن النديم ص29 والتمهيد في علوم القرآن ج1 ص250 عنه.

 
   
 
 

موقع الميزان