قالوا:
إنه يمكن أن نعبر عن حبنا للإمام الحسين عليه السلام
بطرق أكثر حضارية، وأنه
يمكن الاستغناء عن وسائل التعبير هذه بأخرى..
أولاً:
إن المقصود من هذه المراسم ليس هو التعبير عن الحب، بل
المقصود هو التعبير عن الحزن العميق على
الإمام الحسين عليه السلام..
ثانياً:
هناك أمور مركـوزة
في فطرة الإنسان، ويندفع إليها الإنسان بصورة عفوية وطبيعية، ولا يمكنه
التخلص منها، إلا إذا أراد أن يتنكر لذاته، ولفطرته، ولسجيته،
ولطبيعته. ومنها الضحك حين التعجب، والبشر في الوجه حين الابتهاج،
وظهور الحزن والأسى في الوجه حين الابتلاء بالمصائب، وظهور حالة الهلع،
والخوف حين مواجهة الأخطار.. والبكاء حين هيجان العاطفة لفقد عزيز، أو
فرحاً بلقاء حبيب على غير توقع.. وقد تدفعه طبيعته هذه لاعتماد أسلوب
بعينه للتعبير عن ذلك الحزن، أو عن ذلك الحب، ويجد في ذلك بعض العزاء
ويحقق به ما يرضي وجدانه وينسجم مع سجيته.
فما
معنى دعوة الناس للتخلص من اللطم، والتطبير، وغير ذلك من أساليب
التعبير، واستبدالها بأساليب مصطنعة، فيها الكثير من الرياء، والتصنع،
والزيف، والكذب، والخداع، وما إلى ذلك..
وهذا هو
التعبير الحضاري الذي يجسد واقع المشاعر الإنسانية، بعفوية تامة، وبصدق
وأمانة، وخلوص..
ثالثاً:
ما هو المعيار عند هؤلاء في كون الشيء حضارياً، أو غير حضاري؟
فإن ما
نتعقله هو:
أن هناك واجباً أو تكليفاً لابد من التعرض لإنجازه، وهو واجب، أو تكليف
بإحياء أمرهم عليهم السلام، وهذه المراسم التي يعتمدها الناس ليست هي
الحزن، وإنما هي أساليب للتعبير عنه، وإظهاره.
وربما
يستفيد الناس في تعابيرهم هذه
من
بعض الوسائل التي أصبحت في متناول أيديهم..
لكن
استعمال الوسائل الحديثة المتوفرة لا يعني: أن هناك حالة حضارية قد
دخلت في نطاق إحياء أمرهم عليهم السلام، فإن الوسيلة لا تمثل حضارة، بل
المعنى الذي تؤديه، والمفهوم الذي تجسده، هو الذي يمكن أن يوصف بأنه
حضاري تارة وبأنه تخلُّف أخرى..
من أجل
ذلك نقول:
إنه حتى عندما تكون وسائل التعبير بدائية، فإن المفهوم الذي تعبر عنه،
والمعنى الإنساني الذي تجسده، والذهنية الراشدة التي احتضنت ذلك
المفهوم السامي،
والروح التي انطلق ذلك المعنى
منها..
إن ذلك
كله
قد يبلغ حداً يكون قمة في حضاريته، وفي قيمته..
|