صفحة : 40-41  

مراعاة حال الضعفاء إلى أي مدى:

ثم قلنا: ربما يكون في ذلك بعض الحرج النفسي لدى بعض الناس، ممن يفاجأون بمشاهد صعبة وغريبة عما عرفوه، وألفوه.. فلابد من مراعاة حال هؤلاء والرفق بهم، وتيسير الإيمان لهم..

.. ولا يكفي مجرد الشعور بالخوف والرهبة لدى من يشاهد جرح الرؤوس، لإصدار الحكم بالتحريم.. إذ لو كان ذلك كافياً للزم أن نمنع من ذبح البقر والغنم أيضاً، لأن كثيراً من الناس يتألمون من مشاهدتها وهي تذبح.. كما أن علينا أن لا نقتل القاتل. وأن لا نجلد الزاني، أو أن نرجمه، وأن لا نرضى بقوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}([1]).

فإن هناك الكثير من الناس يخافون، ويرهبون حالات كهذه، كما أن كثيرين منهم لا يرضون بالالتزام، ولا بإلزامهم بمثل هذه الأمور..

فلابد وأن نطلب من هؤلاء أن يبتعدوا عن الطريق، وإفساح المجال للأقوياء ليمارسوا دورهم.. تماماً كما يتم إبعاد العجزة والضعفاء والجبناء من ساحة القتال في الدفاع عن الوطن، أو عن العرض، أو المال، أو المقدسات..

وفيما عدا ذلك، فإننا قد قلنا آنفاً: إنه لو كان فعل ذلك في بعض المواضع موجباً لصدود الناس عن التفكير بالإسلام، فلابد من مراعاة حالهم، عملاً بالآية الشريفة: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}([2]).

لكن ذلك لا يعني أن تُشن حملة على كل من يريد ممارسة هذه الشعائر، بحيث تشمل هذه الحملة حتى المواضع التي ليس في ممارستها فيها أي محذور.


 

([1]) الآية 2 من سورة الإسراء.

([2]) الآية 125 من سورة النحل.

 
   
 
 

موقع الميزان