صفحة :43-44   

مظاهر القسوة لدى غير المسلمين:

واللافت هنا، ما تظهره لنا شاشات التلفزة في هذه الأيام، من ممارسة بعض المسيحيين لأساليب حادة جداً للتعبير في هذا المجال، إلى حد دق المسامير في أيديهم، وهم على الصليب، لمواساة النبي المسيح عليه السلام، فيما يعتقدون أنه جرى عليه، هذا عدا عن حملهم الصليب مسافات طويلة على الظهر، تعبيراً عن الآلام!! وغير ذلك.

ولم نجد أحداً ثارت ثائرته، فرماهم بالتخلف، وبالخرافية، ولم يعترض ولم يخجل أحد من أتباع تلك الديانة من عرض تلك المشاهد على شاشات التلفاز..

فلماذا نستسلم نحن لحملات التشنيع المغرضة على عاشوراء، والتي تأتينا من جهات حاقدة من غربيين وغيرهم، ممن يعادون عاشوراء، ويعملون على إخماد جذوتها، وإطفاء نورها، ويأبى الله إلا أن يتم نوره، ويتم حجته، وينصر دينه وأولياءه..<.

وقد قلنا أيضاً: إنه تارة يكون تعظيم الشعائر بالوسائل والكيفيات التي قررها الشارع مباشرة، وأخرى يكون الأمر الشرعي متعلقاً بعنوان عام، وقد ترك أمر الوسائل والتطبيقات لذلك العنوان، للناس أنفسهم ليبتكروها، كل حسب ظروفه، وطبيعة إمكانياته..

مثال ذلك: لو أن الشارع أمرك بتعظيم والديك واحترامهما، فعنوان الاحترام هو المأمور به، وأنت الذي تختار، أو تخترع وسيلة ذلك، فتكرمهما بالهدية تارة، وبتقبيل اليدين أخرى، وبإجلاسهما في صدر المجلس ثالثة، وهكذا..

وكذلك حين أمرك بالتحية، فقد تكون تحيتك بالسلام، أو برفع اليد، أو بكلمة مرحباً، أو صباح الخير، أو يوم سعيد، أو برفع القبعة، أو بالتحية العسكرية، أو بضم اليدين مع انحناءة يسيرة، وما إلى ذلك.

وكذلك الحال إذا أمرك بإحياء أمر الحسين عليه السلام..

فتارة: يحدد لك هو الوسيلة، كالزيارة، والاغتسال لها، وعقد مجالس العزاء، ونحو ذلك. فلا بد أن تفعل نفس ما أمرك به. ولو أن العالم كله غضب واستاء لذلك، فإن غضبهم واستياءهم لا يعنيك، ولا يمنعك منه احتقارهم، واستهزاؤهم، وشتمهم وأذاهم، وحتى قتالهم لك، لأن الله قد حدد الطريقة، فوجب القيام بها كما أمر سبحانه..

ولهذا فنحن لا نصغي لأي انتقاد منهم لصلاتنا، أو لحجنا، أو لملايين الأضاحي التي نذبحها قرباناً في كل سنة في موسم الحج، أو لرمي الجمرات، أو للطواف، أو غير ذلك..

وتارة أخرى: يعطي لنا نحن، الدور والخيار في اختيار الأسلوب والوسيلة، كما هو الحال في الأوامر الشرعية بتعظيم شعائر الله وإحياء أمرهم عليهم السلام..

وفي هذه الحال نقول: إننا قد نوفِّق فيما نختاره من أساليب، وتطبيقات لتلك العناوين، وقد لا يحالفنا التوفيق في ذلك.. بأن كانت بعض المفردات التي نختارها تسيء إلى الهدف، ولا تعطي النتيجة المرجوة أصلاً، أو أنها تعطي النتيجة في هذا المكان، ولا تعطيها في ذلك المكان، أو في هذا الزمان دون ذلك الزمان.

فالأمر إذن بالنسبة إلى اختيار الأسلوب والوسيلة يكون متوقفاً على النتيجة، وما يترتب عليها، لا على نفس العمل من حيث هو..

وعلى هذا نقول: إن موضوع جرح الرؤوس، وضرب الظهور بالسلاسل، قد يختلف الحكم فيه بحسب الأحوال، والأزمان، والأمكنة، فيكون مورداً للأحكام الشرعية الخمسة: «الإباحة، والوجوب، والاستحباب، والكراهة، والحرمة».

فقد يكون هذا العمل مستحباً هنا، ومكروهاً هناك، وقد يكون واجباً هنا، ومحرماً هناك.

 
   
 
 

موقع الميزان