صفحة : 9  

تمهيد:

الشريف الرضي.. هو ذلك الرجل العظيم، الذي يمتلك الشخصية الفذة، التي يعنو لها كل عظماء التاريخ الذين جاؤوا بعده بالإجلال والإكبار، وكانت ولا تزال تستأثر منهم ومن كل مفكر ونيقد، أراد ويريد دراسة هذه الشخصية الفذة بأسمى آيات التعظيم والتكريم، حيث يجدون فيها كل الخصائص الإنسانية النبيلة، التي تملأ نفوسهم، وتنبهر بها عقولهم، وتعنو لها ضمائرهم..

ولعل من يسبر ثنايا التاريخ لا يكاد يعثر على أي مغمز أو هنات في شخصية هذا الرجل العملاق على الإطلاق، بل على العكس من ذلك تماماً؛ فإنك مهما قرأت عن حياة هذا الرجل، فإنك لن تجد إلا آيات المدح والثناء، والمزيد من الإعجاب والإطراء، من محبيه ومناوئيه على حد سواء..

إلا أننا ـ مع ذلك ـ : لا نستطيع أن نـولي هـذا التاريخ كل الثقة، ولا أن نمنحه كل الطمأنينة.. فلعل.. وعسى.. وقد.. ولربما..

فما علينا: إلا أن ندرس التاريخ ونصوصه دراسة مستوعبة وشاملة، من شأنها أن تقضي على كل أمل بالعثور على المزيد مما له مساس بهذه الشخصية أو بتلك..

كما أن علينا: أن نهتم بكل صغيرة وكبيرة، وأن لا نعتبر هذا تافهاً، وذاك ثميناً، إلا بعد البحث والتمحيص والتدقيق والمعاناة، فالتافه والمكذوب ما أثبت البحث تفاهته وكذبه وزوره، والثمين ما استمد قيمته من صدقه وواقعيته، وذلك هو ما يثبت أصالته وجدارته أيضاً.

شرط: أن لا تفوتنا ملاحظة: الدوافع والأجواء التي شجعت أصحاب المطامع والأهواء على ارتكاب جريمة الوضع والاختلاق والتزوير والتجني، فإن لذلك أهمية خاصة في أية دراسة تريد أن تكون مثمرة ونافعة، وبناءة، كما هو معلوم لدى كل أحد..

وبالنسبة للشريف الرضي رضوان الله تعالى عليه فإنه لم يَسلمَ أيضاً من سهام الدس والتزوير والافتراء..

رغم أن البحث المستقصى قد أثبت عظمته وجدارته، وأبان بما لا يقبل الشك عن نبله، وسمو نفسه، وعن كرائم أخلاقه، وحميد خصاله، وجميل فعاله..

نعم.. لم يسلم السيد الشريف من سهام الحقد والضغينة، ولا كان في منأى عن الدساسين والوضاعين..

حيث نجد فيما بين أيدينا: نصين متميزين، غريبين في نفسهما، الأمر الذي اضطرنا لخوض غمار البحث، من أجل إثارة الكوامن، وتسليط الأضواء الكاشفة، لينكشف زيف الزائف، ويبطل خداع السراب..

 
   
 
 

موقع الميزان