ونقول:
إنّ ذلك لا يصح؛ فإنّ كونه
«رحمه الله»
إماميّاً أشهر من النار على المنار، ومن الشمس في رابعة النهار..
ووضوح ذلك:
إلى حد أنّه لا يحتاج إلى بيان، ولا إلى إقامة برهان..
ومع ذلك، فإنّنا نشير إلى ما يلي:
1 ـ
قال السيوطي، عن
والد
الشريف الرضيّ، في كتابه
«حسن
المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة»:
«..كان
الشريف أبو أحمد، سيداً عظيماً، مطاعاً. وكانت هيبته أشد هيبة، ومنزلته
أرفع المنازل، ولقبه بـ:
«الطاهر»
و «الأوحد»
و «ذو
المناقب».
وكانت فيه كل الخصال الحسنة، إلا أنّه كان رافضياً هو وأولاده، على
مذهب القوم..»([1]).
2 ـ
بل لقد كان هو وأبوه، وأخوه من رؤساء الشيعة، قال ابن
تغرى
بردى:
«..عالي
الهمّة، متديناً، إلا أنَّه
كان على مذهب القوم، إماماً للشيعة، هو وأبوه وأخوه..»([2]).
وواضح:
أنَّه
يقصد كونه إماماً للشيعة الاثني عشريّة الإماميَّة،
الذين
كانوا يعيشون في بغداد، ولاسيما في محلة الكرخ المشهورة، وكان الشريف،
وأبوه، وأخوه من كبار الشخصيات التي قامت بدور هام في الدفاع عن هؤلاء
الشيعة والحفاظ عليهم في الفتن
التي كـانت تحصل بينهم وبين غيرهم، وكـذلك قامت بالدور
القـوي والفـاعل في نشر وترسيخ هذا المذهب..
3 ـ ومما يؤيد كونه إمامياً:
أنَّه
ألَّف
في حداثة شبابه كتاباً في خصائص الأئمة الاثني عشر
«عليهم السلام»،
ولكنّه لم يتمّه([3]).
4 ـ
كما
أنّ مما يؤيّد
ذلك:
أنّه قد ذكر قبور الأئمة الاثني عشر
«عليهم السلام»،
في قصيدته البائية، التي منها:
سقـى
الله المديـنـة
مــن
محــل
لباب المـاء،
والنطـف
العـذاب
وجـاد
عـلى
البقيع وســاكنيـه
رخى الـذيل،
مـلآن
الـوطاب
وأعلام الغـري
وما استباحت
معـالمهـا
من الحـسب
اللبــاب
وقبـر
بـالـطفـوف
يضم شلواً
إلى آخر
القصيدة([4]).
5 ـ
وقال الدكتور عبد الفتاح الحلو:
«وربّما
أكّد نسبة الرضيّ
إلى الإماميّة قوله في مخاطبة بني أميّة:
بنــي أميّــة
ما الأسيــاف
نائمــة
عن ساهر في أقاصي
الأرض موتور
فهو يعني الإمام الثاني عشر المنتظر، إن لم يكن يعني
نفسه»([5]).
6 ـ
ويؤيّد ذلك أنّه
«رحمه الله»
قد ذكر الأئمة الاثني عشر
«عليهم السلام»
في قصيدته الأخرى المشهورة، التي قالها وهو بالحائر
الحسيني، والتي مطلعها:
كـربــلا
لا زلـت كربــاً وبـلا
ما لـقـي عنـدك آل المصطفى
إلى أن قال:
معشر منهم رسـول
الله والكــا
شف للكـرب إذا الكرب
عـرا
صهـره
البــاذل
عـنــه
نفســـه
وحســام الله في يــوم الـوغـى
أولى النـاس
إلى الـداعي
الـذي
لم يقــدم عـلى
غيره لمـــا
دعـــا
ثـمّ
سبـطــاه
الشهيــدان
فـــذا
بحسـى
السـمّ
وهـــذا بـالظبـا
وعـليّ،
وابـنـه
الباقر والصـادق
القـــول، وموسـى،
والـرضـا
وعـلــيّ،
وأبـــوه،
وابـــنـــه
والـــذي
ينتظـر
الـقــوم
غـدا
يــا
جـبــال
المجـد
عـزاً
وعـلاً
وبـدور الأرض نـــوراً
وسنـا
([1])
مجلة تراثنا، السنة الأولى،
العدد الخامس، ص265، مقال للشيخ محمد هادي الأميني.
([2])
النجوم الزاهرة، ج4، ص240.
([3])
نهج البلاغة، مقدمة الشريف الرضيّ، ج1 ص2 وص54 من نفس النهج،
وديوان الشريف الرضيّ، مقدمة الدكتور عبد الفتاح الحلو، ص43
وص99، وراجع أيضاً روضات الجنات ص548، وإيضاح المكنون في الذيل
على كشف الظنون، ج3 ص430 ورجال النجاشي، ص398 وعمدة الطالب،
ص207 والدرجات الرفيعة، ص467 والغدير، ج4 ص198 وثمة مصادر
أخرى، فراجع مقدمة الحلو لديوان الشريف، ص99ـ101.
([4])
تراثنا (مجلة)، السنة الأولى،
العدد الخامس، ص266، مقال للشيخ محمد هادي الأميني.
([5])
ديوان الشريف الرضيّ،
مقدمة الدكتور الحلو، ص43.
|