كيف تتحقق تلك الأهداف الإلهية

   

صفحة :   

كيف تتحقق تلك الأهداف الإلهية:

وبعد.. فإن كل عاقل بصير، إذا لاحظ ما قدّمناه، وأخذ بعين الاعتبار واقع الناس في العالم، واختلاف حالاتهم، ومستوياتهم على الصعيد الفكري، والسياسي والمذهبي. ولاحظ كذلك التفاوت والاختلاف فيما بينهم: في فهمهم، وفي عواطفهم، وطموحاتهم، وخصائصهم، وغير ذلك من أمور.

ثم.. إلى تفهّم حقيقة: أن التعامل مع أي شيء، لابد وأن يكون من منطلَق إدراك واقعه، بما له من الخصائص والحالات، ومن خلال ارتباطه بسائر ما يحيط به، ليتم التحرّك نحو الهدف الأسمى، من الموقع الطبيعي، ومن خلال انسجام القدرات والوسائل فيما بينها، وبين الغايات والأهداف.

وإذا أدرك أيضاً، أن ذلك ينسحب على نقطة الارتكاز لحركة الإسلام وانطلاقته، أعني مكّة والمسجد الحرام، بما لها من دور فاعل وحسّاس وشامل في عملية بناء الإسلام لحياة الإنسان، فكراً وحضارة وإنسانيّة متكاملة، بكل ما لهذه الكلمة من معنى.

نعم.. إنه إذا لاحظ، وأدرك كل ذلك. فلابد ان تتكوّن لديه القناعة الكاملة بأن هذا البيت، الذي أسّس على التّقوى، لابد له ليحقّق أهدافه الإلهية الشاملة في الإنسان، وفي الإيمان والإسلام، من مدبّر لأموره ومتول لشؤونه، يستطيع أن يدرك الحقائق التي ألمحنا إليها آنفاً، ويتفاعل وينطلق لتحقيق الأهداف الإلهيّة بكل دقّة ووعي، وبكل إخلاص وثبات.

وليس ذلك أي كان من الناس، وإنما هم فئة خاصة لهم مواصفات معينة من شانها أن تحقق هذا الهدف المنشود، بصورة أكمل وأتم، وليست هذه الفئة إلا «المتّقّون» الذين يخافون ربّهم، ويخلصون له، ويهتدون بهديه، وهم بأمره يعملون.

وبديهي أنّ ذلك الذي ذكرناه، هو صريح حكم العقل، وهو ما تقضي به الفطرة، حينما تتاح للعقل الفرصة لتقييم الواقع بصورة صحيحة وسليمة، وتترك للفطرة الحريّة في التأثير، والتصدّي، دون أن يقهرها قاهر الهوى، أو أن تتأثّر بلفحات الميول. والذين يتجاهلون هذه الحقيقة، فإنّهم «لا يعلمون» على حسب التعبير القرآني الدّقيق.

 
   
 
 

موقع الميزان