السياسة الحجاجية تجاه الرسول

   

صفحة :   

السياسة الحجاجية تجاه الرسول:

بالنسبة للرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله»، فيكفي أن نذكر: أن زعيمهم الأول، يقول عن النبي «صلى الله عليه وآله»: إنه «طارش». وبعض أتباعه يقول بحضرته، أو يبلغه فيرضى: عصاي هذه خير من محمد، لأنه ينتفع بها في قتل الحيّة، والعقرب، ونحوها ومحمد قد مات، ولم يبق فيه نفع، وإنما هو طارش([1])، والطارش: الرسول في الحاجة.

وهذه سياسة حجاجية تجاه الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله» بدأها الحجاج، ثم خالد القسري في العهد الأموي ومن تبعهم، حيث فضلوا الخليفة على الرسول([2])، كما أنهم لم يكن يعجبهم طواف الناس بقبر النبي «صلى الله عليه وآله»، فقد خطب الحجاج، وذكر الذين يزورون قبر رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالمدينة، فقال: تباً لهم، إنما يطوفون بأعواد، ورمة بالية هلا طافوا بقصر أمير المؤمنين عبد الملك ؟ ألا يعلمون: أن خليفة المرء خير من رسوله؟!([3]).

وهؤلاء أيضاً قد أخذوا بهذه السياسة، وزادوا عليها ما لم يجرأ على زيادته الحجاج، ولا من جاء بعده، كما أن هؤلاء قد منعوا من زيارة الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله»([4])، ومن التبرك بآثاره، كما هو معروف ومعلوم لدى كل أحد.

وشاع أنهم ضربوا القبة النبوية الشريفة بالرصاص، وإن كانوا هم قد أنكروا ذلك([5]) لكن إنكارهم لا يدل على أن لها حرمة عندهم، ما داموا يحرمون البناء على القبور مطلقاً، ومن دون استثناء حتى للقبة النبوية الشريفة، التي يحاولون الاعتذار الضمني عن خوفهم من الإقدام على تخريبها، بأنها قبة للمسجد([6])، ومعنى ذلك: أنها لو كانت قبة على القبر لم تسلم من الإهانة والتخريب ايضاً.

كما أنهم قد نبهوا كل ما كان في الحجرة النبوية الشريفة من مجوهرات، وتحف([7]).

هذا كله.. عدا عن إقدامهم على هدم المساجد، المبنية في بعض المواضع، التي كان لها شأن في التاريخ الإسلامي، بالإضافة إلى هدم المقامات، والقباب والمزارات، ومحو آثارها، ومنها مقامات ومزارات أهل البيت «عليهم السلام» في البقيع([8])، وكانوا وما زالوا يمنعون الناس، ويصدونهم عن سبيل الله ظلماً  وبغياً وعتواً وعلواً، فكانوا مصداقاً بارزاً للآية الشريفة المتقدمة في مطلع هذا البحث.


 

([1]) كشف الإرتياب ص139 وراجع ص430 عن خلاصة الكلام ص230.

([2]) راجع: العقد الفريد ج2 ص354 والأخبار الطوال ص346 وتهذيب تاريخ دمشق ج4 ص72 والأغاني ج19 ص60.

([3]) راجع في ذلك: النصائح الكافية ص81 والكامل للمبرد ج1 ص222 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص242 والبداية والنهاية ج9 ص131 وسنن أبي داود ج4 ص209 والعقد الفريد ج5 ص51 والإشتقاق ص188 ووفيات الأعيان ج2 ص7 والغدير ج10 ص51 وبهج الصباغة ج5 ص291 و 319 و 338.

([4]) كشف الإرتياب ص501 و 502.

([5]) كشف الإرتياب ص60.

([6]) كشف الإرتياب ص61.

([7]) كشف الإرتياب ص34 و 35 و450 عن الجبرتي في تاريخه.

([8]) راجع: كشف الإرتياب ص22 و 23 و 59و 60 و 61 و 358.

 
   
 
 

موقع الميزان