إختيار مأساة الزهراء
لماذا!؟!:
والهدف من اختيار مأساة الزهراء «عليها السلام» لتكون
الموضوع الذي نعالجه في سلسلة الموضوعات الكثيرة التي تصدينا لإحقاق
الحق فيها مما يمس قضايا الدين والمذهب أمران، وهما:
الأول:
هو أن هذه المفردة مأساة الزهراء «عليها
السلام»
قد أصبحت بحاجة إلى توضيح وبيان من أجل إزالة ما ربما يكون قد علق في
أذهان بعض الناس نتيجة للتشكيكات!! أو التساؤلات المنهجية!!
أو العلمية!! ـ على حد تعبير البعض ـ التي طرحت عليهم
كرات ومرات، في عشرات المواقف الإذاعية، والمكتوبة، والعديد من
المقابلات والمراسلات والمراجعات في ردح من الزمن طويل.
وقد طرحت أدلة كثيرة ومتنوعة في أكثر من اتجاه تهدف إلى
نفي حصول أي عنف ضد الزهراء «عليها السلام» في بيتها، أو حتى ضد علي
«عليه السلام» في بيت الزهراء «عليها السلام». وقد أعطيت تلك الشواهد
والأدلة عناوين فكرية حضارية!! مثل
«إثارات»
أو «علامات استفهام»
أو «شكوك في طريق البحث»..
إلى آخر ما هنالك من تعابير أصبحت معروفة ومألوفة.
فلذلك أردنا:
أن نقوم بدراسة الموضوع، من خلال معالجة تلك «الإثارات» بصورة تفصيلية،
لنتمكن من استيعاب كل ما طرح من أمور تثير هذه الشكوك، ولنتمكن من ثم
من تبديد «علامات الاستفهام»
التي رسمت، علنا نستحق «الشكر»!!
الذي وعد به هذا البعض عندما قال: «ونحن نشكر من يجيب على علامات
الإستفهام التي رسمناها»([1]).
على أمل أن ينتهي الموضوع عند هذا الحد، وينحل بذلك الإشكال.
وكان الشكر الذي وعد به هذا البعض مميزاً في نوعه،
وفريداً في بابه!! كما سنلمح إليه إن شاء الله تعالى.
الثاني:
إن قضية الزهراء «عليها السلام» ـ وبسبب ظروف معينة ـ قد تجاوزت طابعها
العلمي الخاص، لتصبح عنواناً يشير إلى منهج عام يتعدى مجال التاريخ،
إلى نواح أخرى في مجال الإهتمامات الإسلامية، كشؤون العقيدة، وعلم
الكلام، وعلم الأصول، والحديث والفقه والتفسير، وحتى اللغة، بالإضافة
إلى أمور كثيرة أخرى إيمانية وغيرها.
نعم..
لقد أصبحت قضية الزهراء «عليها السلام» هي ذلك «الرمز»، أو قل:
«العنوان المشير» الذي يختزل منهجاً له مفرداته، وله طابعه الخاص، وله
آفاقه وملامحه، وسوانحه وبوارحه.
لذلك أردنا أن تكون معالجتنا لهذا الموضوع مشاركة في
إنجاز الواجب الذي يشعر به كل مسلم مؤمن، لا يجد مبررا لأن يقف موقف
اللامبالاة، حيال محاولات التعرض لهذا الدين في عقائده وأحكامه، وفي
رسومه وأعلامه، لا على قاعدة:
«التمسك بالموروث المقدس»،
باعتباره دين الآباء والأجداد، كما يحاول البعض أن يتهمنا، ويتهم كل
أتباع مذهب أهل البيت وعلماء الشيعة الأبرار..([2]).
بل على قاعدة: التمسك بما دل عليه الدليل العلمي القاطع للعذر، والمثبت
للحقيقة..
وحين تنطلق تلك المقولات، لتثير الشبهات في قضايا
الدين، وتزعزع ثباتها، فسيكون لكل أحد الحق والحرية في الرد العلمي
المناسب عليها، أياً كان مصدرها، دون مجاراة أو ممالأة.
وتلك هي مسؤولية كل من يمتلك من أسباب العلم والمعرفة
ما يخوله القيام بذلك. وهذا ما شهدناه فعلاً، حيث بادر مراجع الدين
وكثيرون من علماء الأمة إلى تسجيل استنكارهم لمقولات هذا البعض،
وأعلنوا رفضهم لها، ولا نتوقع إلا استمرارهم في العمل بواجبهم الشرعي
في هذا المجال ونحن معهم على الطريق.
([1])
جريدة فكر وثقافة: العدد 18 بتاريخ 19 ـ 10 ـ 1996م.
([2])
بينات بتاريخ 25 ـ 10 ـ 1996م.
|