هل أخطأنا التقدير؟!:
وكنا نقدر:
أن ذلك قد يغنينا عن التوسع في طرح سائر القضايا، التي قد تم ويتم
التعرض لها من جانب هذا البعض عبر وسائل الإعلام المختلفة، وهي قضايا
تمتاز بكثير من الأهمية والحساسية، خصوصاً ما يرتبط منها بقضايا
العقيدة والإيمان فضلاً عن غيرها من مسلمات الشريعة.
غير أن الوقائع أظهرت: أن الأمور قد سارت على خلاف ما
كنا نتوخاه.
فإن البعض قد صور للناس: «أن
القضية الأساس التي تهمنا، ـ بل لا قضية تهمنا على الإطلاق ـ سوى قضية
الزهراء «عليها السلام» وأنه ليس ثمة ما يثير اهتمامنا سوى حديث البعض:
عن قضية كسر الضلع، وإثارته بطريقة سلبية».
وذلك في محاولة منهم للتمويه على الناس، وإبعادهم عن
حقائق الأمور.
وقد ساعدهم على ذلك أننا التزمنا من طرفنا ـ عمليا ـ
بعدم الابتداء بإثارة تلك القضايا، فأغراهم ذلك منا، وكانت هجماتهم
الشرسة التي زادتنا ـ يوما بعد يوم ـ معرفة بحقيقة نواياهم، وبمدى
إصرارهم على ما يقومون به.
مما جعلنا أمام خيار وحيد، وهو مصارحة الناس بالحقيقة،
وتعريفهم أن قضية الزهراء «عليها السلام»، إنما كانت مفردة واحدة إلى
جانبها عشرات أمثالها، مما قد يكون أهم وأولى بالتصدي للبحث والتصويب.
ولعل من حق القارئ علينا أن لا نطيل انتظاره حين يصبح
من الضروري تقديم مجموعة (عينة) من تلك الأقاويل، لتكون دليل وفاء
بالوعد، وإشارة إلى أننا باقون مع هذا الإسلام العزيز على العهد. فإن
ما لا يدرك كله لا يترك جله.
أما فيما يرتبط بالاستقصاء لكل ما صدر عن البعض من
أقاويل مكتوبة أو مسجلة. فذلك خارج فعلا عن حدود الوسع والطاقة لأنه
يحتاج إلى عمر لنا جديد ومديد. على أننا لا نرى ضرورة لذلك، فإن القليل
قد يعطي صورة أو يغني عن الكثير الذي جاء تعبيرا صريحا عن المشروع
الكبير الذي يعمل له هذا البعض، والرامي إلى استبدال القديم الأصيل
والثابت بالبرهان القاطع من تراثنا وعقائدنا المتوارثة (على حد
تعبيره)، بما يعتبره جديداً وفريداً.. ودون أن ينتصر لهذا الجديد بدليل
علمي يثبت أمام النقد.
ولذلك تراه يطعم أدلته أو يطورها، باتجاه ما يدعيه حسب
الظروف، في إصرار ظاهر منه على مدعاه، الذي لم يزل عاجزا عن الاستدلال
العلمي الصحيح عليه، الأمر الذي يوحي بأنها أفكار جاهزة يبحث لها عن
دليل يستنسبه لها، ربما لأنه يعتبرها جزءا من مشروعه التجديدي الذي
انبهر به كثيرون، والذي يرمي إلى تصحيح الأخطاء التي يجدها ـ كما يقول
ـ في عقائدنا المتوارثة، على قاعدة صدم الواقع ـ على حد تعبيره أيضاً.
في مناسبات كثيرة([1]).
والغريب في الأمر أن ذلك الذي يريد التجديد وصدم الواقع
بمجرد أن أحسن ببعض الجدية في الموقف تجاه تلك الأقاويل بدأ يتهم
الآخرين بالحسد، والتجني، وبالعقد النفسية، والتخلف، وبالعمالة
للمخابرات، أو بالوقوع تحت تأثيرها، وأن المقصود إسقاطه، أو تحطيم
مرجعيته، وأن من يعترض على أقاويله هو «بلا
دين»
الخ.. تعابيره المختلفة والتي تصب في هذا الاتجاه.
بل لقد بدأ ينكر بعض أقاويله تلك ويتطلب لبعضها الآخر
التفسيرات والتأويلات والمخارج، كما أنه لم يزل يطلق الدعاوى بعدم فهم
الآخرين لمقاصده، بل حتى وصل به الأمر إلى حد أن أعلن ـ أكثر من مرة ـ
أن تسعين بالمئة
مما ينقل عنه مكذوب عليه، وعشرة بالمئة مغلوط،...
أو أن 99، 99 % بالمئة كذب وافتراء.
فأين التجديد إذن؟ وأين التصحيح؟ وبماذا يريد أن يصدم
الواقع يا ترى؟!! إذا كان قد تنكر لأقواله الجديدة؟
وبماذا يريد أن يقتحم المسلمات على حد تعبيره مؤخر؟!
وأية مسلمات هي التي يريد اقتحامها يا ترى؟!.
على أننا ما زلنا نأمل أن لا نضطر لنشر دراسات موسعة
حول موضوعات كثيرة، حساسة وهامة جدا، تختزنها مؤلفات ومنشورات البعض،
إذا كان ثمة إمكانية لتلافي ذلك بصورة أو بأخرى.
([1])
دنيا المرأة: ص25، ومجلة المرشد ص282.
|