صيغة الرد لماذا؟!!
ويحاول البعض أن يثير تساؤلاً آخراً يرى أنه جدير
بالإهتمام وبالاحترام، وهو: ألم يكن من الأفضل الابتعاد عن صيغة الرد،
التي تحمل في طياتها احتمالات التخطئة والتجهيل، بل هي في الحقيقة من
صيغ التحدي للقائل، الذي يفترض صونه عن أمر كهذا؟! ألم يكن من الأفضل
أن يؤلف هذا الكتاب بطريقة أخرى، بأن يطرح الموضوع مجردا عن أية إشارة
إلى أن البعض يقول كذا، أو يقول كذا؟!
ونقول:
أولاً:
لا ندري ما إذا كان النقد الموضوعي والعلمي يحمل في طياته صفة التحدي
المزعومة!! ولو صح ذلك، لكن الأجدر أن يقفل الناس باب أي نقاش علمي مع
أي شخص بعينه، بل كان الأجدر أن لا يجري نقاش بين اثنين في أية مسألة
علمية فكرية، أو حياتية على الإطلاق.
ثانياً:
إن السؤال بل الاعتراض يتوجه على ذلك البعض نفسه حين يتصدى لنقد وتفنيد
آراء بل اعتقادات طائفة بأسرها، بل هو يستعمل كثيراً من عبارات التجريح
لها ولعلمائها ويتهمهم بأنواع التهم القاسية مستعملا لذلك كلمات قوية
وقاذعة أيسرها عدم الوعي والتأثر بالمحيط المتخلف، والجمود، والتحجر،
والعيش في الماضي وعدم الوعي ـ لا سيما المرجعي منه ـ ثم عدم العصرنة
وما إلى ذلك.
ثالثاً:
إنا نستغرب كثيراً طرح هذا الموضوع بهذه الطريقة، لأننا
إنما تحدثنا بصيغة تجنبنا فيها التصريح باسم أحد، وذلك تحاشيا لإحراج
أي كان من الناس في أن يجد نفسه في موقع لا يرغب هو بأن يرى نفسه فيه.
فإذا كان ثمة حالة أسهم ذلك البعض نفسه في نشوئها بل في
استمرارها لأنه لم يزل يصر على متابعة تحريك عوامل الإثارة ولا ندري سر
ذلك ولا نعرف غاياته، أو أهدافه؟ حتى بات واضحا لدى الكثيرين من هو
صاحب تلك المقولات ـ إذا كان الأمر كذلك ـ فما هو ذنبنا نحن يا ترى؟!
على أن من الواضح: أننا حين آثرنا تجنب التصريح
بالأسماء لم يرتض بعض الناس ذلك فاعتبروه تنكيرا وتجهيلا وإهانة،
فأثاروا بذلك أجواء اتجهوا فيها نحو تولي الإعلان والتصريح بالأسماء
حيث لم يرضهم التلويح أو التلميح.
ونحن تعليقا على عملهم هذا لا نملك إلا أن نأسف ونأمل
أن يوفقنا الله لمعرفة وجه الحكمة في صنيعهم هذا.
رابعاً:
إننا من جهة لم نزل نسمع ونرى البعض يقدمون أنفهسم على أنهم دعاة حوار،
ورواد انفتاح على الآخرين، ولكنهم ـ مع ذلك ـ يقمعون محاوريهم من
الداخل، فلا انفتاح ولا حوار؟!
ثم يرفضون الحوار مع من لا يتمكنون من ممارسة القمع
ضدهم بصورة ظاهرة.
ومن جهة أخرى نراهم يدعون إلى طرح القضايا على الناس
بصراحة وبوضوح، لأن العلم والفكر ليس حكرا على فريق دون فريق، بل نجدهم
يستثيرون شهية الكثيرين للحوار بقولهم: «نحن
نعتبر النقد أفضل هدية تقدم إلينا..»
ثم في المقابل نجدهم يواجهون هذا الكتاب المبني على الحقيقة العلمية
الصريحة والواضحة بأشد حالات الغضب والانزعاج منه ومن مؤلفه.. ثم نجدهم
يمارسون سياسة المحاصرة للكتاب، ويبذلون جهدا كبيرا لمنع الناس من
تداوله وحتى من بيعه وشرائه بطريقة أو بأخرى. حتى بات حكمه أسوأ من حكم
كتب الضلال التي جوز هذا البعض مؤخرا تداولها والاطلاع عليها؟!
ولعل أيسر ذلك محاولاتهم تحريك غرائز الناس، باعتبار:
أن هذا الكتاب هو ضد فلان أو يهدف إلى إسقاط هذا البعض،
أو ذاك.
هذا كله..
عدا عن محاولات التشويه، والتجني، والتجريح التي لم
وربما لن تقف عند حد..
خامسا:
إن الهدف من الكتاب إنما هو مناقشة علمية وموضوعية لمقولات معينة،
اجتمعت لدى البعض في موضوعات بعينها بهدف تصحيح النظرة لدى الذين يمكن
أن يتأثروا بما يقال لهم ليقبلوه، ويعملوا على أساسه.
ولو كان البحث المجرد عن الإشارة يكفي، لكفت عشرات
المؤلفات التي ذكرت تلك الموضوعات، وحشدت لها الأدلة الكثيرة، ولم يكن
ثمة حاجة لكتابة
«مأساة الزهراء «عليه السلام».. شبهات
وردود»
من الأساس.
وتلك الكتب الكثيرة والمعتمدة رغم أنها حافلة بالنصوص
المزيلة لكل شبهة، والقاطعة لأي عذر، إلا أنها لم تمنع من تأثر هؤلاء
الناس بمقولات هذا البعض، في أمر اتفقت عليه كلمة شيعة أهل البيت
«عليهم السلام»، وتضافرت([1])
به النصوص عن المعصومين «عليهم السلام»، وتواترت عنهم وعن المؤرخين
والمحدثين على اختلاف ميولهم ومذاهبهم.
([1])
كما صرح به في خطبته في قم، في حسينية الشهيد الصدر في 21
شعبان 1414 هـ. وقد تقدمت الإشارة إلى تحريف النص، فراجع فقرة:
«التنازع في جنس الملائكة» متناً وهامشاً.
|