فلنسقط نحن قضايانا، قبل أن يسقطها الآخرون؟!

   

صفحة :   

فلنسقط نحن قضايانا، قبل أن يسقطها الآخرون؟!

ما زلنا نسمع البعض يقول:

«لا بد أن نناقش نحن قضايانا بطريقتنا الخاصة، وإن لم نفعل ذلك فسيناقشها الآخرون ويسقطونها».

ومعنى ذلك: أننا إذا ناقشنا بعض المسائل، فليس من مبرر للتشهير بنا، لا سيما وأن القضية ليست من أصول الدين، ونحن نعتبر غصب الخلافة أكبر من كل جريمة، لأنها تتعلق بالواقع الإسلامي كله.

علما بأن ما قلناه حول قضية الزهراء «عليها السلام»، لم يكن انطلاقا من إحساسنا بضرورة الوحدة الإسلامية..

ونحن لا زلنا على استعداد لمناقشة كل من يرغب في ذلك في بيتنا، فليتفضل وليناقشنا في كل شيء.

والجواب:

أولاً: إن ما جرى على الزهراء «عليها السلام»، من بلايا ليس بعيدا عن غصب الخلافة، لأن ما جرى عليها، إنما جاء في نطاق آلية غصب الخلافة، وليس هو أمرا منفصلا عنها.

وإذا كان غصب الخلافة جريمة كبرى ـ على حد تعبير هذا البعض ـ فإن الأسلوب الذي تم فيه سوف يزيدها فظاعة وبشاعة.

إذن فلتكن معرفة ما فعلوه بالزهراء «عليها السلام» من أجل الحصول على الخلافة دليلا قاطعا على واقع ممارساتهم وطبيعة الظروف التي أحاطت باغتصاب هذا الأمر الهام جدا، الذي يتعلق بالواقع الإسلامي كله..

وثانياً: لم نعرف الملازمة بين عدم تعرضنا لمناقشة قضايانا وبين إسقاطها من قبل الآخرين، فهل هي بهذه الدرجة من الضعف والهشاشة؟!

أم يعقل أن يكون هذا السائل يريد أن يقول: إن علينا نحن أن نسقط قضايانا قبل أن يسقطها الآخرون كما تقدم؟!

وثالثاً: إن هذا البعض ـ وفي أحاديث أخرى له ـ يقول: إنه يطرح تساؤلات، ولا يريد أن يناقش القضية، ولا يريد أن يبحث عن أجوبتها، بل هو يطلب من الآخرين أن يجيبوا عنها، وهو لا يثبت ولا ينفي، فمن لا يثبت ولا ينفي هل يعتبر في جملة من يناقشون القضايا بطريقة خاصة؟!

بل هو يصرح: بأنه لا يهمه البحث حول كسر ضلع الزهراء «عليها السلام»، فلماذا الإصرار إذن على إثارة التساؤلات حول هذا الأمر بالذات؟!

ومن الواضح: أن الذي يقتصر على طرح التساؤلات استفهاما وتعلما فقط، لا يجوز التشهير به، ولذا لم يشهر أحد بمن فعل ذلك.

نعم، يصح التشهير، بل قد يكون لازما بذلك الذي يحاول طرح الموضوع بطريقة غير علمية، أي أنه يطرحه على العموم، ليثير الشبهة في نفوس الناس السذج والبسطاء الذين لا يملكون القدر الكافي من العلم والمعرفة، دون أن يقدم لهم الحل الحاسم، بل تراه يستدل بعشرات الأدلة لهم على النفي، بأسلوب: إثارة تساؤلات!!

فجاء من يريد أن ينجز محاولة إيصال الرد العلمي إلى الناس، فاعتبروا ذلك تشهيرا!!

ورابعاً: أنه ليس من العدل أن يطلب البعض من الناس مناقشة القضايا معه في بيته خلف جدران أربعة، ويحتفظ هو لنفسه بحق الاعلان بكل ما يتوفر لديه من وسائل إعلام مرئي ومسموع ومكتوب عن كل ما يخطر على باله، أو يجول في خاطره، حتى ولو كانت مجرد تساؤلات، أو آراء تمس قضايا إسلامية أساسية أو غير أساسية، مفتخرا بكون ذلك من عادته وفي الهواء الطلق.

ثم إذا أراد أحد أن يعلن عن رأيه المخالف له، حتى ولو لم يشر إلى شخصه بأدنى كلمة، فإنه قد يعتبر ذلك تحديا له، وخروجا على المسلمات، وتشهيرا به. ثم هو يوجه إليه مختلف التهم، ويواجهه بالحرب النفسية وبالكلمات الجارحة وغيرها، باعتبار أنه قد ارتكب الجرح العظيم، وعرض نفسه للخطر الجسيم..

وخامساً: إن أسلوب تعامل هذا البعض مع بعض القضايا، يشير إلى أن ثمة رغبة في مغازلة بعض الأطراف على الساحة الإسلامية، لسبب أو لآخر، وإلا فلماذا الإصرار على دعوى أن المهاجمين الذين جاء بهم عمر كانوا يحبون الزهراء عليها أفضل الصلاة والسلام، ويحترمونها، ثم التفوه بأن علياً «عليه السلام» معارضة!! وأنه متمرد على الخلافة!! وأنه يراد اعتقاله لأجل ذلك، وأن طبيعة الأمور تقتضي إخضاع المتمردين، وأن المسلمين فهموا نص الغدير بطريقة أخرى والخ... كما سنرى ذلك كله.

سادساً: صحيح أن قضية الهجوم على الزهراء، ليست من أصول الدين، لكن ذلك لا يعني أنها ليس لها مساس بناحية العقيدية.. بل هي واحدة من أهم مسائل الإسلام والإيمان لأن تمس قضية الإمام والإمامة بعد رسول الله  «صلى الله عليه وآله»، وتعطي للناس رؤية واضحة في أمر لم يزل هو المحور الأساس في الخلافات الكبرى التي وقعت في هذه الأمة في قضايا الدين والعقيدة. إذن فهو حدث تاريخي سياسي، له مساس بالإمام والإمامة، وهو أمر عقائدي خطير وهام جدا.

 
   
 
 

موقع الميزان