الخلاصة:
ومهما يكن من أمر فإن وجود حديث معضل في كتاب لا يبرر
الخدشة في الكتاب كله، مع احتمال وجود تصحيف أو سهو من الكاتب نفسه بأن
يكون المقصود هو عبد الرحمان بن أبي بكر، أو غير ذلك من احتمالات. وفي
الكتب المعتبرة موارد كثيرة من هذا القبيل ولم يقدح ذلك في اعتبارها.
الأمر الثاني: الأئمة ثلاثة عشر:
قد جاء في كتاب سليم راويا ذلك عن النبي «صلى الله
عليه وآله» قوله «صلى الله عليه وآله»: «ألا وإن الله نظر إلى أهل
الأرض نظرة فاختار منهم رجلين: أحدهما أنا، فبعثني رسولا، والآخر علي
بن أبي طالب.. إلى أن قال: ألا وإن الله نظر نظرة ثانية، فاختار بعدنا
اثني عشر وصيا من أهل بيتي، فجعلهم خيار أمتي، واحدا بعد واحد(1)».
ونقول:
إن ذلك لا يصلح سببا للطعن في الكتاب، وذلك لما يلي:
1 ـ
إن من القريب جدا أن تكون كلمة «فاختار بعدنا اثني عشر» تصحيفا لكلمة
بعدي، لا سيما وإن حرف (نا) وحرف (ي) يتقاربان في الرسم إلى حد ما.
بل لقد قال العلامة المجلسي وغيره: «وقد وجدنا في بعض
ــــــــــــــــــــ
(1)
كتاب سليم بن قيس: ج2 ص857. (*)
/ صفحة 152 /
النسخ «بعدي» من دون تصحيف(1).
واحتمل المجلسي أيضاً: أنه كان أحد عشر فصحفه النساخ
(2).
ومما يدل على ذلك أيضاً:
أن هذا الحديث قد ذكر بعينه في موضع آخر من الكتاب، وفيه «بعدي» بدل
بعدنا (3).
2 ـ
إن في كتاب سليم حسب إحصائية البعض (4)
أربعة وعشرين موردا غير ما نحن فيه قد نص فيها على أن الأئمة هم اثنا
عشر إماما بصورة صريحة وواضحة(5).
فلا معنى للتمسك بهذا النص الأخير للطعن على الكتاب كله
بحجة أنه قد جعل الأئمة ثلاثة عشر..
فإذا كان هذا المورد الواحد دليل وضع الكتاب، فليكن
أربعة وعشرون موردا آخر دليل صحته وأصالته، لا سيما مع الاحتمال القوي
جدا بحصول التصحيف في كلمة «بعدنا»، كما ألمحنا إليه.
3 ـ
قال آية الله السيد الخوئي (قدس سره): «إن اشتمال الكتاب على أمر باطل
في مورد أو موردين لا يدل على وضعه، كيف ويوجد أكثر من ذلك في أكثر
الكتب حتى كتاب الكافي، الذي هو
ــــــــــــــــــــ
(1)
البحار: ج22 ص150 ومقدمة كتاب سليم: ج1 ص181.
(2)
راجع البحار: ج22 ص150.
(3)
راجع: كتاب سليم بن قيس: ج2 ص686.
(6)
هو الشيخ محمد باقر الأنصاري الخوئيني.
(5)
راجع: محمد باقر الأنصاري الخوئيني: مقدمة كتاب سليم بن قيس الهلالي:
ج1 ص172 / 180. (*)
/ صفحة 153 /
أمتن كتب الحديث وأتقنها(1)».
وقال العلامة المجلسي: «.. وهذا لا يصير سببا للقدح، إذ
قلما يخلو كتاب من أضعاف هذا التصحيف والتحريف، ومثل هذا موجود في
الكافي وغيره من الكتب المعتبرة، كما لا يخفى على المتتبع
(2)».
4 ـ
قال المسعودي المتوفى سنة 345 ه.: «.. والقطعية بالإمامة الاثنا عشرية
منهم، الذين أصلهم في حصر العدد ما ذكره سليم بن قيس الهلالي في كتابه
(3)».
وقد ذكره عدد من العلماء في عداد الأصول القديمة التي
نصت على الأئمة الاثني عشر عليهم سلام الله، فراجع
(4).
وذلك يؤكد وقوع التصحيف في هذا الحديث.
5 ـ
ذكر المحقق الشيخ محمد تقي التستري العديد من الموارد المشابهة في
الكافي، ونحن ننقل هنا عبارة الشيخ التستري(5)
رحمه الله، قال: «إنه من سوء تعبير الرواة، والا فمثله في الكافي أيضاً
موجود،
ــــــــــــــــــــ
(1)
معجم رجال الحديث: ج8 ص225. وعنه في مقدمة كتاب سليم للشيخ محمد باقر
الأنصاري الخوئيني ص170.
(2)
بحار الأنوار: ج22 ص150. وعنه في مقدمة كتاب سليم للشيخ محمد باقر
الأنصاري: ص170.
(3)
التنبيه والإشراف ص198.
(4)
مقدمة كتاب سليم بن قيس، للأنصاري الخوئيني: ج1 ص172.
(5)
مقدمة كتاب سليم بن قيس: ج1 ص183، للأنصاري الخوئيني، نقلا عن المحقق
الشيخ التستري رحمه الله. (*)
/ صفحة 154 /
ففي باب ما جاء في النص على الأئمة الاثني عشر في خبر
عن النبي «صلى الله عليه وآله»: «إني واثني عشر من ولدي وأنت يا علي زر
الأرض.. فإذا ذهب الاثنا عشر من ولدي ساخت الأرض بأهلها(1)».
وفي خبر آخر عنه «صلى الله عليه وآله»: «من ولدي اثنا
عشر نقباء نجباء مفهمون آخرهم القائم (2)».
ورواهما أبو سعيد العصفري في أصله بلفظ «أحد عشر»(3).
وفي خبر ثالث عن جابر الأنصاري قال: «دخلت على فاطمة
«عليها السلام» وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها فعددت اثني
عشر» (4).
ورواه الصدوق في الإكمال والعيون والخصال بدون كلمة «من
ولدها» (5).
وفي خبر رابع عن الباقر «عليه السلام»: «الاثنا عشر
إماما من آل محمد كلهم محدث من ولد رسول الله «صلى الله عليه وآله»،
وولد علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما» (6).
ورواه في الخصال والعيون: «كلهم محدث بعد رسول الله «صلى الله عليه
وآله» وعلي بن أبي طالب منهم» (7).
ــــــــــــــــــــ
(1)
الكافي: ج1 ص534 ح 17.
(2)
الكافي: ج1 ص534 ح 18.
(3)
أصل أبي سعيد العصفري: الصفحة الأولى.
(4)
الكافي: ج1 ص532 ح 9.
(5)
إكمال الدين: ص311 ح 3، عيون الأخبار: ج1 ص37 ح 6، الخصال: ب 12 ح 42.
(6)
الكافي: ج1 ص533 ح 14.
(7)
عيون الأخبار: ج1 ص46 ح 24، الخصال: ب 12 ح 49. (*)
/ صفحة 155 /
وفي خبر خامس عن أبي سعيد الخدري في سؤالات اليهودي (عن
الأئمة) بعد النبي وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما، فقال «عليه
السلام» له: «إن لهذه الأمة اثنا عشر إمام هدى من ذرية نبيها وهم مني..
إلى أن قال:
وأما من معه في منزله فهؤلاء الاثنا عشر من ذريته»(1).
وقد روى مضمون هذا الخبر النعماني بدون قيد «من ذرية
نبيها» (2). هذا هو نص كلام الشيخ
التستري في قاموس الرجال (3).
ــــــــــــــــــــ
(1)
الكافي: ج1 ص232 ح 8.
(2)
الغيبة للنعماني: ص67.
(3)
قاموس الرجال: ح 4 ص452. (*)
/ صفحة 159 /
|