أخبار عن احترام الصحابة للزهراء
:
يقول البعض:
إن الزهراء «عليها السلام» كانت تحظى بمكانة متميزة لدى
المسلمين جميعا، فالتعرض لها والاعتداء عليها بهذا الشكل الفظيع قد
يثير الرأي العام ضد المهاجمين.
ويدل على هذه المكانة الكبيرة لها أكثر من خبر يتحدث عن
تعامل الناس معها بطريقة الاحترام والتبجيل، وذلك يثير علامات استفهام
كثيرة حول صحة ما يقال عن اعتداء شنيع عليها.
والجواب:
أولا:
لقد كان أبوها رسول الله «صلى الله عليه وآله» أعظم
مكانة في نفوس المسلمين منها ومن كل أحد، ولكن هذا لم يمنع البعض من
مواجهة رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالقول المشهور: إن النبي
ليهجر(1) أو نحو ذلك.
وقائل ذلك كان على رأس المهاجمين لبيت الزهراء «عليها
السلام».
ولم نسمع ولم نقرأ:
أن أحدا ممن كان حاضرا أو غائبا اعترض عليه، أو حتى أبدى تذمره
وانزعاجه من ذلك.
وقد عصى جماعة من الصحابة أمره «صلى الله عليه وآله»
بأنه يكونوا في جيش أسامة، ولم يجهزوا هذا الجيش، رغم أنه «صلى الله
عليه وآله» قد لعن المتخلف عن جيش أسامة، كما هو معلوم(2).
ــــــــــــــــــــ
(1)
ستأتي المصادر لذلك تحت عنوان: طلب المسامحة يدل على مكانة الزهراء
«عليها السلام».
(2)
راجع: البحار ج27 ص324 والاستغاثة: ص21 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي: ج6
ص11 و 52 و 50 ومواضع أخرى عديدة. ومنار الهدى للبحراني: ص433 ومفتاح
الباب الحادي عشر ص197، تحقيق الدكتور مهدي محقق. وحق اليقين: ص178 و
182. وإثبات الهداة: ج2 ص343 و 345 و 346، عن منهاج الكرامة وعن نهج
الحق. والملل والنحل للشهرستاني: ج1 ص23 وشرح المواقف: ج8 ص376 ومجموع
الغرائب للكفعمي ص288. (*).
/ صفحة 228 /
كما أنهم قد نفروا برسول الله «صلى الله عليه وآله»
ليلة العقبة، وقذفوا زوجته.
إلى غير ذلك من أمور كثيرة، ظهرت منهم تجاه النبي «صلى
الله عليه وآله» وعترته الطاهرين.
أضف إلى ذلك:
إن قتل الحسين «عليه السلام» وسبي عياله كان هو الآخر جريمة كبرى لا
تقل عن اقتحام بيت الزهراء «عليها السلام» والاعتداء عليها بالضرب.
والقوم هم أبناء القوم.
وقد تآمروا أيضاً على قتل علي «عليه السلام»، على يد
خالد بن الوليد، وهو يصلي في مسجد رسول الله «صلى الله عليه وآله»
حينما نطق أبو بكر قبل التسليم(1)
قائلا: لا يفعلن خالد ما أمرته.
ــــــــــــــــــــ
(1) راجع: مجمع الرجال للقهبائي: ج2 ص264 في الهامش.
والشافي: لابن حمزة: ج4 ص173 و 202. وذكر أن الجاحظ رواه في الزيدية
الكبرى عن جامعة من أهل الحديث منهم الزهري، والايضاح: لابن شاذان
ص155. 158. وجلاء العيون: ج1 ص201، وكتاب سليم بن قيس: ج2 كما سيأتي.
وإثبات الهداة: ج2 ص360. ومرآة العقول: ج5 ص339 و 340، والرسائل
الاعتقادية ص455، وشرح النهج للمعتزلي ج17 ص222 والمسترشد ص451 ط.
ايران. والبحار ج29 ص126 و 133 والإحتجاج ج1 ص234 وعلل الشرائع ج1 ص182
ورجال الكشي ص695 ترجمة سفيان الثوري.. (*)
/ صفحة 229 /
وقد أفتى أبو حنيفة بجواز التكلم قبل التسليم، استنادا
إلى هذه القضية كما يقال(1).
وأفتى سفيان الثوري ـ استنادا إلى هذه القضية أيضاً ـ
بأن من أحدث قبل التسليم وبعد التشهد، فصلاته تامة
(2).
ثانيا:
هناك احترام يظهر في الظروف العادية، حيث لا يكون ثمة
ما يرهب منه، أو يرغب عنه، أما حين يكون الأمر كذلك، فإن الناس كما قال
الإمام الحسين «عليه السلام»: عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم،
فإذا محصوا بالبلاء قد الديانون (3).
فالاحترام في الرخاء لا يعني النصرة عند البلاء، حين
تصبح مصالحهم مهددة، وذلك معلوم لدى كل أحد.
ثالثا:
إن مما يدل على عدم صحة ما ذكروه من أن الجميع كانوا
يحترمون الزهراء «عليها السلام» ويجلونها، بل كان فريق من الناس يجترئ
عليها إلى درجة لا يمكن تصورها، ما رواه الشيخ الطوسي عن أبي العباس
ابن عقدة، عن محمد بن المفضل، عن الحسن بن علي الوشاء، عن عبد الكريم
بن عمرو الخثعمي، عن عبد الله بن أبي يعفور، ومعلى بن خنيس، عن أبي
الصامت، عن أبي عبد الله «عليه السلام»، أنه قال: أكبر الكبائر سبع..
إلى أن قال: «وأما قذف المحصنات، فقد قذفوا فاطمة على
منابرهم الخ..» (4).
ــــــــــــــــــــ
(1)
راجع: شرح النهج للمعتزلي: ج1 ص222.
(2)
المسترشد في إمامة علي «صلى الله عليه وآله»: ص90. والايضاح: ص190.
(3)
البحار: ج44 ص195 ـ 383 و ج75 ص117.
(4)
تهذيب الأحكام: ج4 ص149 ومعادن الحكمة ج2 ص122 و 123 عنه وعن من لا
يحضره الفقيه ج2 ص366 (ط النجف). (*)
/ صفحة 230 /
|