رواية (قنفذ) تعارض إجماع (الشيخ)

   

صفحة :   

رواية (قنفذ) تعارض إجماع (الشيخ):

يقول البعض: «إن الشيخ الطوسي ينقل اتفاق الشيعة على عبارة النظام من أن عمر ضرب بطن فاطمة حتى أسقطت، في الوقت الذي جاءت الرواية عن دلائل الإمامة وغيره أن قنفذا هو الذي قام به».

وهو بذلك يريد أن يقول: إن هذه المنقولات متناقضة فتسقط عن الاعتبار.

والجواب:

أولا: إن الشيعة قد اتفقوا على الأول، ولكنهم لم ينفوا إقدام قنفذ على هذا الأمر أيضاً، فرواية دلائل الإمامة وغيرها مما سيأتي شطر كبير منه تثبت مشاركته في هذا الفعل أيضاً، كما أن المغيرة أيضاً قد شارك في ضرب الزهراء حتى أدماها، كما سيأتي في قسم النصوص والآثار، فلا مانع من أن يشارك الجميع في أمر كهذا، ويتسببون في الاسقاط، فيصح نسبته إليهم جميعا، وإلى كل واحد منهم أيضاً، لتسببهم به. فهذه النسبة لا تعني أن كل واحد منهم كان علة مستقلة في الاسقاط.

ثانيا: لقد أوضحت النصوص كما سترى: أن الهجوم قد تكرر على بيت فاطمة «عليها السلام»، كما أن مبايعات أبي بكر قد تكررت أيضا(1)، وقد حصلت إحدى هذه المرات وهي محاولة الإحراق، فيما

ــــــــــــــــــــ

(1) الشافي لابن حمزة: ج4 ص188. (*)


/ صفحة 314 /

كان أبو بكر جالسا على المنبر يبايع له، ويرى ما يجري ولم ينكر ذلك، ولم يغيره، كما ورد في أمالي المفيد رحمه الله، وحصول هجومات عديدة نجده في العديد من الروايات بصورة صريحة حينا، وهو مقتضى الجمع بين الروايات، حيث تلاحظ خصوصيات الأشخاص والتصرفات التي ميزت كل هجوم حينا آخر.

بل بعض الروايات تؤكد: أن أبا بكر نفسه كان يصدر الأوامر بالهجوم، وقد سبق الهجوم تهديدات بالاحراق، وجمع للحطب. ثم أضرمت النار بصورة جزئية، ثم كسر الباب، وضربت الصديقة الطاهرة، من أكثر من شخص من المهاجمين، وسقطت إلى الأرض، ورفسها ذلك الرجل برجله أيضاً.

وكل ذلك سيأتي في قسم النصوص الآتي إن شاء الله تعالى..

وبعض روايات إسقاط المحسّن صحيحة السند.

كما أن بعض الروايات المثبتة للضرب وشبهه أيضاً صحيحة.

وقد أشار نفس المعترض إلى صحة رواية الطبري في دلائل الإمامة.

والروايات بمجموعها متواترة عن أهل بيت العصمة، فإذا ضم إليها ما سواها من نصوص فإنها تفوق حد التواتر.

مع أن ذكر غير الشيعة لأمر كهذا يعتبر أمرا ملفتا، بملاحظة أن ذلك الغير يرغب في تبرئة الفاعلين من ذلك كله.


/ صفحة 315 /

وقد ورد هذا الأمر في كلمات كثير من أعلامهم، كالجويني، والكنجي، والمسعودي، والنظام، وأبي جعفر النقيب أستاذ المعتزلي، وأحمد بن محمد بن السري وغيرهم ممن سنذكر كلماتهم في الفصل المخصص لذلك إن شاء الله تعالى.

وصرح بوجود هجومات عديدة ابن حمزة الزيدي، وهو يجيب على اعتراض بعضهم بوجود تناقض بين الروايات.

حيث إن واحدة تقول: إن علياً «عليه السلام» قعد عن البيعة في بيته، وفر إليه طلحة والزبير، ولم يخرجوا من البيت حتى جاء عمر، وأراد إحراق البيت عليهم.

وأخرى تقول: إن أبا بكر خرج إلى المسجد يصلي، فأمر أبو بكر خالد بن الوليد بالصلاة إلى جنبه، ثم قتله حينما ينطق أبو بكر بالتسليم في صلاته.

وثالثة تقول: إنه أتي بعلي ملببا، فبايع مكرها.

فأجابه ابن حمزة بقوله: «إن ذلك كان في أوقات مختلفة، وليس بين ذلك تناقض، ولا تدافع(1)».

وذلك يعني: أن محاولة إحراق البيت قد كانت في وقت وفي هجوم، مستقل عن الهجوم الذي تم فيه إخراج علي ملببا للبيعة..

ــــــــــــــــــــ

(1) الشافي لابن حمزة: ج4 ص202. (*)


/ صفحة 316 /

 
   
 
 

موقع الميزان