بيت الأحزان أضرهم ولم ينفعهم:
ولكن:
هل كان بيت الأحزان هذا في صالح الحكام؟!
وهل استطاع أن يحقق بعض ما أرادوا تحقيقه أو ظنوا أنه
سيتحقق؟!
إن الإجابة الصريحة والواضحة على هذا السؤال ستكون
بالنفي، فإنه كان في الحقيقة وبالا عليهم أكثر مما توقعوه، فلم يكن من
/ صفحة 343 /
السهل أن يقبل الناس بإخراج الزهراء من بيتها، ومنعها
من إظهار الحزن، ومن الجهر بالمظلومية، لأن ذلك ظلم آخر أشد أذى، وأعظم
تأثيرا وخطرا، وأصرح دلالة على مدى الظلم الذي تعاني منه «عليها
السلام».
ومما يزيد في وضوح ذلك أن الناس سيرون: أن كل ما جرى
عليها إنما كان بمجرد وفاة أبيها، فبدلا من المواساة، ومحاولة تخفيف
المصاب عليها وهي الوحيدة لأبيها وسيدة نساء العالمين، تجد نفسها أمام
مصاب أمر وأدهى، وهو أن من يعتبرون أنفسهم من اتباع هذا الدين،
ويعترفون بنبوة أبيها، ويفترض فيهم أن يعظموه ويوقروه، ويقدسوه إن
هؤلاء قد بلغ بهم الظلم حدا ضيقوا فيه حتى على أقرب الناس إليه وهي
ابنته وهي امرأة لها عواطفها، ومنعوها من إظهار الحزن على أب فقدته
حرصا على عدم الجهر بظلمهم لها.
|