الذين حضروا الغدير لم يعترضوا على أبي بكر..
إذا كانت الشيعة تزعم أن الذين حضروا غدير خم
آلاف الصحابة قد سمعوا جميعاً الوصية بالخلافة لعلي بن أبي
طالب «رضي الله عنه» بعد رسول الله ﷺ مباشرة؛ فلماذا لم يأت
واحد من آلاف الصحابة ويغضب لعلي ابن أبي طالب، ولا حتى عمار
بن ياسر، ولا المقداد بن عمرو، ولا سلمان الفارسي «رضي الله
عنهم»، فيقول: يا أبا بكر، لماذا تغصب الخلافة من علي وأنت
تعرف ماذا قال الرسول ﷺ في غدير خم؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله
الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وبعد..
فإننا نجيب بما يلي:
أولاً:
إن من يرى ما جرى على الزهراء «عليها السلام» من ضرب، وإهانة،
وإسقاط جنين، وهي سيدة نساء العالمين، وبضعة الرسول، ومن آذاها
فقد آذاه، ومن أغضبها فقد أغضبه..
ويرى ويسمع قولهم لرسول الله «صلى الله عليه
وآله» مباشرة: إنه يهجر،
وهو لا يزال حياً يرزق..
ويرى ما جرى في السقيفة من تهديدات وإهانات،
ونزاعات جرت بين الأنصار وبين الذين استأثروا بالأمر بعد وفاته
«صلى الله عليه وآله»..
ويرى أن جميع الصحابة قد بايعوا علياً «عليه
السلام» يوم الغدير قبل سبعين يوماً فقط من وفاته «صلى الله
عليه وآله»..
ويرى كيف أن الناس كانوا يساقون إلى البيعة
لأبي بكر في المسجد..
ثم يرى كيف تم غصب فدك من الزهراء «عليها
السلام».. حيث تعرضت للإهانة والضرب من أجل ذلك أيضاً.
إن من يرى ذلك كله وسواه ثم يتوهم أن أبا بكر
سوف يستجيب لقوله، ويعترف له بالحق، ويتخلى عن هذا الأمر،
ويسلمه إلى صاحبه الشرعي، بمجرد أن يقول له أحدهم: يا أبا بكر،
لماذا تغصب الخلافة من علي، وأنت تعرف ماذا قال الرسول في غدير
خم؟!
نعم، إن من يتوهم ذلك، سيتهم بأنه مجنون بلا
ريب.
ثانياً:
مع غض النظر عن ذلك كله، فإن لنا أن نسأل: من أين عرف هذا
السائل: أن هؤلاء وكثير غيرهم لم يحتجوا على أبي بكر بذلك، ولم
يطالبوه ببيعته، ولم يسألوه عنها؟! فإن عدم الوجدان لا يدلُّ
على عدم الوجود.. والدواعي متوفرة لطمس أمثال هذه الأخبار،
وإخفائها، ومطالبة بل معاقبة كل من يعمل على إفشائها.
والكل يعلم كم كان الخلفاء ومن هم على نهجهم
متشددين في المنع من إفشاء الحديث عن رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، وطمس معالمه، ويمكن مراجعة كتاب: (الصحيح من سيرة النبي
الأعظم «صلى الله عليه وآله»). الجزء الأول، للوقوف على طائفة
كبيرة من النصوص والمصادر لهذا الأمر.
ثالثاً:
هناك دلائل كثيرة على وجود اعتراضات ومطالبات احتجاجية لعدد من
الصحابة لأبي بكر بما جرى من غصب الخلافة بعد رسول الله «صلى
الله عليه وآله».. وقد ذكرنا شطراً من هذه الإحتجاجات في كتاب
(الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله»)، فراجع
الأجزاء الأخيرة منه.
رابعاً:
قال السائل: «إذا
كانت الشيعة تزعم أن الذين حضروا غدير خم هم آلاف الصحابة قد
سمعوا جميعاً الوصية بالخلافة لعلي بن أبي طالب «رضي الله عنه»
بعد رسول الله الخ..».
مع أن روايات الغدير لا تنحصر بالشيعة، فقد ذكرها أهل السنة
أيضاً في كتبهم بصورة مكثفة، وإنما يحتج الشيعة على أهل السنة
في هذا الأمر بخصوص ما في كتب أهل السنة، فراجع كتاب الغدير
للأميني، وغيره..
والحمد لله والصلاة والسلام على محمد وآله..