صفحة : 188   

تخوين عائشة في الإفك طعن برسول الله صلى الله عليه وآله ..

السؤال رقم 70:

لقد أنزل الله عز وجل براءة عائشة «رضي الله عنها» في قصة الإفك الشهيرة، وطهرها من هذا السوء، ثم نجد بعض الشيعة لا زالوا يرمونها بالخيانة([1])!! ـ والعياذ بالله ـ. وهذا كما أن فيه طعناً برسول الله ﷺ، فيه طعن بالله عز وجل الذي يعلم الغيب، ولم يخبر نبيه بأن زوجته خائنة؟! ـ حاشاها من ذلك ـ.

وبئس المذهب مذهباً يطعن في زوجات خير البشر وأمهات المؤمنين.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

وبعد..

فسيأتي سؤال آخر برقم 153 يتحدَّث أيضاً عن موضوع الإفك.. وقد ذكرنا في جوابه بعض ما يحسن الاطلاع عليه قبل قراءة إجابتنا هذه، فلا بأس بمراجعته..

وما نريد أن نجيب به هنا هو ما يلي:

أولاً: لا ريب في طهارة ذيل عائشة، وسائر زوجات النبي «صلى الله عليه وآله»، وجميع زوجات الأنبياء من فاحشة الزنا، فإن ذلك هو المقرر في اعتقاد الشيعة «رضوان الله تعالى عليهم».

قال الطبرسي «رحمه الله» في مجمع البيان:

«وما بغت امرأة نبي قط»([2]).

ويستدلون على ذلك أيضاً: بأن كفر زوجة النبي ليس من المنفرات عن قبول الدعوة، أما ارتكابها الفاحشة، فيصد الناس عن الحق.. ولذا لا يجوز أن يكون هذا الأمر في زوجات الأنبياء، لكن يمكن أن يكنَّ كافرات كما هو الحال في امرأتي نوح ولوط «عليهما السلام»([3]). وقد قال تعالى: ﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا..([4]).

ثانياً: إن الكلام الذي أشار إليه السائل لم يتضمن نسبة الزنا إلى عائشة، ولا إلى غيرها.. ولا نعرف أحداً من الشيعة يتهم عائشة أو غيرها من زوجات النبي «صلى الله عليه وآله» بشيء من ذلك.

ثالثاً: إن الكتاب المنسوب للقمي لا يصح الاعتماد عليه، لأن نسبته إلى القمي غير ظاهرة، ولا مسلمة عند علماء الشيعة.

رابعاً: إن علماء الشيعة قد ردّوا ورفضوا بشدة ما هو أقل بكثير من هذا الكلام بكل صراحة، فقد قال المجلسي «رحمه الله»: «وهذا إن كان رواية، فهي شاذة مخالفة لبعض الأصول، وإن كان قد يبدو من طلحة ما يدلُّ على أنه كان في ضميره الخبيث مثل ذلك، لكن وقوع أمثال ذلك بعيد عقلاً، ونقلاً، وعرفاً، وعادة..»([5]).

خامساً: بالنسبة لما ذكره السائل، من أن الله تعالى أنزل براءة عائشة في قصة الإفك الشهيرة، وطهرها من هذا السوء نقول:

ألف: هناك خلاف في آيات الإفك في سورة النور، فأهل السنة يقولون: الإفك كان في حق عائشة، وقد نزلت الآيات لتبرئتها.

وفي الشيعة من يقول: إن ما رواه أهل السنة في صحاحهم وغيرها يعاني من إشكالات كثيرة، تسقطه عن الاعتبار.. والصحيح هو: أن الإفك كان على مارية القبطية، وأن الله أنزل آيات الإفك لتبرئتها..

ولكن أعين الطمع بالفضائل قد جعلت الأيدي تمتد لتغير على هذه الفضيلة التي ظهرت في الآيات النازلة، وتسلبها من صاحبتها الحقيقية، وتنسبها إلى عائشة.

ب: قد لاحظنا: أن السائل ينسب إلى بعض الشيعة: أنهم ينسبون هذا الأمر القبيح إلى عائشة.. ثم يطلق حكمه على المذهب كله، فيقول: «وبئس المذهب مذهباً يطعن في زوجات خير البشر وأمهات المؤمنين». فكيف صار الكلام الذي تنسبونه أنتم إلى البعض مبرراً للهجوم على المذهب كله.

والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله..


 

([1]) انظر: «تفسير القمي» ج2 ص377 و «البرهان» للبحراني ج4 ص358.

([2]) مجمع البيان ج10 ص319 و (ط مؤسسة الأعلمي سنة 1415هـ) ج10 ص64 وراجع: بحار الأنوار ج11 ص308 وج12 ص147.

([3]) السيرة الحلبية ج2 ص305 و (ط دار المعرفة) ج2 ص624 وتاريخ الخميس ج1 ص477 والكشاف للزمخشري ج3 ص220 وتفسير النيسابوري (بهامش الطبري) ج18 ص64.

([4]) الآية 10 من سورة التحريم.

([5]) بحار الأنوار ج32 ص107.

 
   
 
 

موقع الميزان