لم يعلن النبي الإمامة لعلي
كما أعلن إعطاء مفتاح الكعبة لبني شيبة..
لما نزل قوله تعالى: ﴿إِنَّ
اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾
[النساء:58]
دعا صلى الله عليه وسلم بني شيبة وأعطاهم مفتاح الكعبة
وقال: «خذوها يا بني طلحة خالدة مخلدة فيكم إلى يوم القيامة، لا
ينـزعها منكم إلا ظالم»([1])
يقول هذا صلى الله عليه وسلم في أمر لا يخص إلا سدنة الكعبة.
فلماذا لم يقل مثله في أمر خلافة علي، وهو أمرٌ يهم
جميع المسلمين ويتوقف عليه مصالح كثيرة؟!
و صياغة أخرى تقول:
هل يصرح رسول الله «صلى الله عليه وآله» لبني شيبة
بحقهم في مفتاح الكعبة ويخبر أن من نزعها منهم فهو ظالم كما ثبت في
صحيح السنة، ولا يصرح بأمر الخلافة لعلي مع أهمية أمر الخلافة، فلماذا
لم يقل رسول الله «صلى الله عليه وآله»، خذها يا علي، الخلافة فيك وفي
أبنائك لا ينزعها منكم إلا ظالم؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عباده
الذين اصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين..
وبعد..
إن ما ورد في هذا السؤال، من أن النبي «صلى الله عليه
وآله» لم يصرح بأمر الخلافة لعلي «عليه السلام» لا يعدو كونه مصادرة
على المطلوب، فإن الشيعة يقولون: إنه
«صلى
الله عليه وآله» قد صرح بأن الخلافة من بعده لعلي
«عليه
السلام»،
وأخذ له البيعة من الصحابة في يوم الغدير بعد حجة الوداع، وقبل
استشهاده
«صلى
الله عليه وآله» بسبعين يوماً.
كما أنه
«صلى
الله عليه وآله» قد نص على أنه سيكون من بعده اثنا عشر إماماً، أو
أميراً، أو خليفة كلهم من قريش، وآخرهم المهدي «عليه السلام».
وقد نص على إمامة الحسنين «عليهما
السلام» بقوله:
الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا، بالإضافة إلى عشرات النصوص الأخرى
على إمامة علي
«عليه
السلام»
على الأمة، وكلها مروية في كتب أهل السنة..
ويقابلها روايات رواها أهل السنة أيضاً عن النبي
«صلى
الله عليه وآله» في الإزراء على معاوية، وآل أبي الحكم بن أبي العاص،
وتفسير الشجرة الملعونة في القرآن ببني أمية، كلها تمنع من القول بصحة
خلافة بني أمية..
هذا كله، عدا ما ورد في القرآن الكريم من آيات تؤكد
معنى الإمامة لعلي «عليه
السلام»،
وحسبك منها قوله تعالى في سورة المائدة: ﴿يَا
أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ..﴾([2])،
فبلغ إمامة علي «عليه
السلام»
في يوم الغدير حسبما هو معروف ومشهور..
وهناك أيضاً قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا
وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ
يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾([3])..
حيث وردت النصوص في أن هذه الآية المباركة قد نزلت حين تصدق علي «عليه
السلام»
بخاتمه وهو راكع في صلاته.
والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله..
([1])
مجمع الزوائد ج3 ص285 عن الطبراني في الكبير وفي الأوسط.
([2])
الآية 67 من سورة المائدة.
([3])
الآية 55 من سورة المائدة.
|