الملالي واللطم والتطبير..
لماذا نرى من يلطم ويصرخ ويجلد نفسه بالسلاسل ويضرب
رأسه بالسيف هم أنتم أيها البسطاء، بينما لم نر أصحاب العمائم يفعلون
ذلك؟!
إن قلت:
كلامي غير صحيح وهم يلطمون ويطبرون ويزحفون مثلكم
طالبتك بالإثبات؟!
وإن قلت:
نعم، هذا هو الواقع، فسأترك ألف علامة استفهام في رأسك
حول ولائهم ومحبتهم للحسين..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وبعد..
فإنني أجيب بما يلي:
أولاً:
إن هذه الطريقة في البحث ليست طريقة علمية، لأنها تعتمد على الإثارة،
واستفزاز المشاعر الذاتية، ولا تعتمد طريقة الاقتناع بالدليل العلمي،
مع أن المطلوب هو تحديد الصحيح والسقيم، من خلال الدليل المشير إلى
الموضوع المبحوث عنه كما هو.. بغض النظر عن الالتزام به علمياً، وعدم
الالتزام به.
ولو أردنا أن ننحو هذا المنحى في الإثارة والتحريض
والإهانة، وكان هذا مفيداً في تحديد ما هو صحيح، لوجدنا لدى الطرف
الآخر، الشواهد الكثيرة في مجال السلوك والممارسة، التي تعطي الفرصة
للتشنيع علىه.. بل إن ذلك لا يمكن أن يسلم منه دين، ولا منهج، فإن
التعدي والمخالفة، وعدم الإلتزم العملي الشامل، شائع في جميع الأديان
والمذاهب..
ثانياً:
قلنا فيما سبق: إن اللطم والبكاء في عاشوراء ليس واجباً شرعياً عينياً
مفروضاً على كل مكلف.. بل كل فرد يحيي ذكرهم «عليهم السلام» وفق ما
يتوفر لديه من إمكانات ووسائل، ووفق ما يناسب حاله، وقدراته، في ماله
وفي جسده، وفي غير ذلك.. فالشاعر يحيي ذكرهم «عليهم السلام» بشعره،
والعالم بعلمه، والغني بماله، والكاتب بقلمه، والرسام بالصور التي
يرسمها.. وربما يكتفي في الإحياء بنفس حضوره، وربما في إظهار حزنه..
وهكذا في سائر المجالات..
فالمهم هو التعبير عن رفض الظلم والانحراف والعدوان،
وتمجيد أهل الفضل والكرامة والشهامة، والقيم والمبادىء.. واستلهام
الدروس والعبر منهم..
ثالثاً:
حتى ولو لم يقم الشيعة كلهم أية مراسم في عاشوراء، فإن ذلك لا يلغيها
ولا يبطلها، ولا يخرجها من دائرة الحق إلى دائرة الباطل..
فإن الحق حق، ولو صرف الناس كلهم وجوهم عنه، والباطل
باطل ولو ورَّط الناس كلهم أنفسهم فيه..
كما أن الولاء للحسين «عليه السلام» واجب على كل مسلم،
وعدم ولاء بعض المعممين من الشيعة المسلمين ـ لو صح قولك فيهم ـ لا
يعفيك أنت وكل مسلم من وجوب ولائه ومحبته «عليه السلام»..
رابعاً:
إن المدائح النبوية والتواشيح الدينية غير ممنوعة
عندكم، ولا سيما في مناسبات المولد النبوي الشريف.. ولكن علماءكم لا
يمارسونها، فهل يمكن اتهامهم في محبتهم لرسول الله «صلى الله عليه
وآله»، وفي ولائهم له؟!
والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله..
|