صفحة : 5-14   

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..

فإن الله سبحانه العالم الحكيم، والمدبر العليم، والرؤوف الرحيم، قد خلق الخلق، واستعمرهم في الأرض، وسخر لهم ما فيها وما في السماوات، لكي يطيعوه، ويعبدوه، وليوصلوا هذا الكون إلى كماله، وفق خطة رسمها، وسنن أودعها، وأهداف حددها، وشرائع بينها.

وأراد لهذا الخلق أن تكون طاعتهم له، وإيمانهم به، وامتثالهم للأوامر والزواجر الصادرة عنه باختيارهم، وأخذ على نفسه أن يبين لهم المناهج، ويظهر لهم الدلائل، ويقيم عليهم الحجج، بحيث لا يبقي عذراً لمعتذر، ولا حيلة لمتطلب حيلة، ولله الحجة البالغة.

ثم هو قد ملأ الكون والوجود بالإشارات والدلائل، وبالحجج والبينات، حتى إن الإنسان ليجد نفسه غارقاً في لجة هذه البراهين، والبينات، والشواهد والآيات، فهي حاضرة لديه في مشاهدات اليقظة، وتماماً كما يشاهدها حتى في أحلام المنام، إنها معه، وفيه، وحوله، وفي كل اتجاه، وفقاً لقوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ}([1])..

وكانت المعجزات والكرامات، حاملة لهذه الدلائل، والبينات أيضاً..

وما معجزة تسبيح الحصى في يدي النبي >صلى الله عليه وآله<، وسلام الشجر والحجر عليه >صلى الله عليه وآله<، وكذلك شق القمر له، ومعجزة رد الشمس لعلي >عليه السلام<، إلا شاهد صدق على ما نقول.

مزايا وفوائد وهنات وعوائد:

ويضاف إلى ذلك: أن معجزة رد الشمس لعلي >عليه السلام< تدخل في دائرة الألطاف والرعاية الإلهية، من حيث إنها تيسر عليهم قبول إمامة أمير المؤمنين، وسيد الوصيين >عليه السلام<؛ لما تظهره من مقام له عند الله، ومن محل له لديه، من حيث إنه استحق أن يستجيب الله تعالى له إذا دعاه، وذلك لشدة انقياده >عليه السلام< له تعالى، وظهور عبوديته وطاعته حتى إن الشمس حين دعاها على قاعدة: >عبدي أطعني تكن مثلي<.

وفي بعض الروايات: أن الرسول >صلى الله عليه وآله< إذا طلب من الله أن يعيدها له، فإنه يجيبه.

أضف إلى ذلك: أن رد الشمس هو من موارد إعمال الولاية التكوينية، تماماً، كما جاء الذي عنده علم من الكتاب بعرش بلقيس من اليمن، إلى غير ذلك من الفوائد الكثيرة.

ونحن قد خصصنا بحثنا هذا بهذه المعجزة بالذات، من أجل النظر فيما أثير حولها من شبهات، وما تداولوه من إشكالات، فنقول، ونتوكل على خير مأمول، وأكرم مسؤول.


 

([1]) الآية 115 من سورة البقرة.

 
   
 
 

موقع الميزان