صفحة : 7-9

وأنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقرَبِينَ:

قال الطبري ما ملخصه: إنه لما نزل قوله تعالى: ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ([1]) دعا علياً «عليه السلام»؛ فأمره أن يصنع طعاماً، ويدعو له بني عبد المطلب ليكلمهم، ويبلغهم ما أُمِر به.

فصنع علي «عليه السلام» صاعاً من طعام، وجعل عليه رجل شاة، وملأ عساً من لبن، ثم دعاهم، وهم يومئذٍ أربعون رجلاً، يزيدون رجلاً، أو ينقصونه، فيهم أعمام النبي «صلى الله عليه وآله»: أبو طالب، وحمزة والعباس، وأبو لهب؛ فأكلوا.

قال علي «عليه السلام»: فأكل القوم، حتى ما لهم بشيء من حاجة، وما أرى إلا موضع أيديهم، وأيم الله الذي نفس علي بيده، إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم.

ثم قال: إسق القوم؛ فجئتهم بذلك العس؛ فشربوا منه حتى رووا منه جميعاً، وأيم الله، إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله.

فلما أراد رسول الله «صلى الله عليه وآله» أن يكلمهم بدره أبو لهب فقال: لقدْماً سحركم صاحبكم، فتفرق القوم، ولم يكلمهم الرسول «صلى الله عليه وآله».

فأمر «صلى الله عليه وآله» علياً «عليه السلام» في اليوم الثاني: أن يفعل كما فعل آنفاً، وبعد أن أكلوا وشربوا قال لهم رسول الله «صلى الله عليه وآله»: يا بني عبد المطلب، إني والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة.

وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه؛ فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي، ووصي، وخليفتي فيكم؟!

قال: فأحجم القوم عنها جميعاً، وقال علي: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي.

ثم قال: إن هذا أخي، ووصي، وخليفتي فيكم؛ فاسمعوا له وأطيعوا.

قال: فقام القوم يضحكون، ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع.

وفي بعض نصوص الرواية: أنه لما قام علي «عليه السلام» فأجاب، أجلسه النبي «صلى الله عليه وآله».

ثم أعاد الكلام، فأجابه علي، فأجلسه، ثم أعاد عليهم، فلم يجيبوا، وأجاب علي «عليه السلام»، فقال له «صلى الله عليه وآله» ذلك.

وحسب نص الإسكافي: أنه «صلى الله عليه وآله» قال: هذا أخي، ووصيي، وخليفتي من بعدي.

وأنهم قالوا لأبي طالب: أطع ابنك، فقد أمره عليك([2]).


([1]) الآية 214 من سورة الشعراء.

([2]) راجع هذه القضية في: تاريخ الأمم والملوك ج2 ص63 ومختصر تاريخ أبي الفداء (ط دار الفكر ـ بيروت) ج2 ص14 وشواهد التنزيل ج1 ص372 و 421 و (بتحقيق المحمودي) ج1 ص542 وكنز العمال (الطبعة الثانية) ج15 ص16 و 117 و 113 و 130 عن ابن إسحاق، وابن جرير وصححه، وأحمد، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبي نعيم، والبيهقي معاً في الدلائل، وتاريخ ابن عساكر، وترجمه الإمام علي (بتحقيق المحمودي) ج1 ص87 و 88 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص244 عن الإسكافي، وحياة محمد لهيكل (الطبعة الأولى) ص286. ومسند أحمد ج1 ص159 وكفاية الطالب ص205 عن الثعلبي، ومنهاج السنة ج4 ص80 عن البغوي، وابن أبي حاتم، والواحدي، والثعلبي، وابن جرير، وفرائد السمطين (بتحقيق المحمودي) ج1 ص86 وإثبات الوصية للمسعودي ص115 و 116 والسيرة النبوية لابن كثير ج1 ص460 و 459. والغدير ج2 ص278 ـ 284 عن بعض من ذكرنا، وعن: أنباء نجباء الأبناء ص46 و 47 وشرح الشفاء للخفاجي ج3 ص37. وراجع أيضاً: تفسير الخازن ص390 وكتاب سليم بن قيس، وخصائص النسائي ص86 الحديث 63، وبحار الأنوار ج38 والدر المنثور ج5 ص97 عن مصادر كنز العمال، لكنه حَّرف فيه، ومجمع الزوائد ج8 ص302 عن عدد من الحفاظ وأسقط بعضه أيضاً، وينابيع المودة ص105 وغاية المرام ص320 وابن بطريق في العمدة، وتفسير الثعالبي، وتفسير الطبري ج19 ص75 والبداية والنهاية ج3 ص40 = = وتفسير القرآن العظيم ج3 ص350 و 351 ومناقب أهل البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص107 والتفسير الصافي ج4 ص53 والعثمانية للجاحظ ص303 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج14 ص427 وج30 ص80.

 
   
 
 

موقع الميزان