العنوان

   

صفحة : 11-14  

سند حديث الإنذار:

وقد جرى ابن تيمية على عادته في إنكار فضائل أمير المؤمنين «عليه السلام»، فزعم أن في سند رواية الطبري أبا مريم الكوفي، وهو مجمع على تركه. وقال أحمد: ليس بثقة. واتهمه ابن المديني بوضع الحديث([1]).

ونقول:

إن هذا الكلام مردود:

ألف: بالنسبة لأبي مريم نقول:

أولاً: إن من يراجع كتب الجرح والتعديل عند أهل السنة يرى أن أحداً من رجال الأسانيد الذي يروي عنهم البخاري ومسلم، وغيرهما من أصحاب الصحاح والمسانيد ـ لم يسلم من الجرح والقدح، باستثناء الشاذ النادر الذي قد لا يصل إلى واحد بالمئة..

فلو أخذنا بقاعدة ابن تيمية، وهي ترك رواية كل من ورد فيه قدح لم تسلم لنا رواية واحدة من ذلك، سوى المتواترات. وهي قليلة جداً، لا تؤسس لفقه، ولا لدين.. فكيف إذا كنا نرى ابن تيمية يطعن حتى في المتواترات نفسها..

ثانياً: بالنسبة لأبي مريم نقول:

قال ابن عدي: سمعت ابن عقدة يثني على أبي مريم ويطريه، وتجاوز الحد في مدحه([2]).

وقال عنه الذهبي: كان ذا اعتناء بالعلم وبالرجال([3]).

ثالثاً: قد صرحوا بسبب تضعيفهم لأبي مريم، وهو كونه شيعياً. وهي تهمة لا تضر، فقد روى أصحاب الصحاح ولا سيما البخاري ومسلم عن عشرات الشيعة، وقد أورد في المراجعات قائمة طويلة بأسماء عدد منهم، فراجع([4]).

رابعاً: قد صحح حديث إنذار العشيرة المتقي الهندي([5])، والإسكافي المعتزلي([6])، والخفاجي في شرح الشفاء([7]).

ورواه أحمد بسندٍ جميع رجاله من رجال الصحاح بلا كلام، وهم: شريك، والأعمش، والمنهال، وعباد، وعلي «عليه السلام»([8]).

خامساً: لو سلمنا أن ثمة جرحاً في بعض رجال سند بعينه فنقول:

إن طرق هذا الحديث مستفيضة، يقوي بعضها بعضاً..

ب: بالنسبة للطعن في رواية ابن أبي حاتم باشتمال سندها على عبد الله بن عبد القدوس، الذي ضعفه الدار قطني([9]).

وقال النسائي: ليس بثقة([10]).

وقال ابن معين: ليس بشيء، رافضي خبيث([11]).

نقول:

قال الشيخ المظفر «رحمه الله»: «تضعيفهم معارض بما في تقريب ابن حجر: بأنه صدوق.

وفي تهذيب التهذيب: قال محمد بن عيسى، ثقة.

وذكره ابن حبان في الثقات.

وقال البخاري: هو في الأصل صدوق، إلا أنه يروي عن أقوام ضعاف، مع أنه أيضاً من رجال سنن الترمذي..

ومدح هؤلاء مقدم، لعدم العبرة في قدح أحد المتخالفين في الدين في الآخر، ويقبل مدحه فيه. وهم قذفوه بذلك، لأنهم رموه بالتشيع، ولا نعرفه من رجالهم.

ولكن قد ذكر ابن عدي: أن عامة ما يرويه في فضائل أهل البيت([12])، ولعل هذا هو سر تهمتهم له»([13]).


 

([1]) منهاج السنة ج4 ص81 و 82 وأعيان الشيعة ج1 ص231 و 362 والسيرة الحلبية ج1 ص461.

([2]) لسان الميزان ج4 ص42 و 43 والغدير ج2 ص280 والغارات للثقفي ج2 ص673 والكامل لابن عدي ج5 ص327 وتعجيل المنفعة ص263

([3]) ميزان الإعتدال ج2 ص631 و 640 ولسان الميزان ج4 ص42.

([4]) راجع: المراجعات (ط سنة 1426 هـ) من ص137 حتى ص233.

([5]) كنز العمال (ط الهند) ج15 ص113.

([6]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص244 ومناقب أهل البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص107 والعثمانية للجاحظ ص303 ونظرة في كتاب البداية والنهاية ص70.

([7]) راجع: الغدير ج2 ص280.

([8]) مسند أحمد ج1 ص111 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص363 وراجع: الغدير ج2 ص280.

([9]) ميزان الإعتدال ج2 ص457 وتهذيب التهذيب ج5 ص265.

([10]) كتاب الضعفاء والمتروكين ص199 وميزان الإعتدال ج2 ص457. وراجع: خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ص205 وتهذيب الكمال ج15 ص244 وتاريخ الإسلام للذهبي ج12 ص219 وتهذيب التهذيب ج5 ص265.

([11]) الكامل ج4 ص197 وميزان الإعتدال ج2 ص457 وراجع: مجمع الزوائد ج1 ص120 وج2 ص161 وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال ص205 وتهذيب الكمال ج15 ص243 وضعفاء العقيلي ج2 ص279 والجرح والتعديل للرازي ج5 ص104 والكاشف في معرفة من له رواية في كتب الستة ج1 ص570 وتهذيب التهذيب ج5 ص265 وتاريخ الإسلام للذهبي ج12 ص218 وج13 ص257.

([12]) راجع: ميزان الإعتدال ج2 ص457 وتهذيب الكمال ج15 ص244 وتاريخ الإسلام للذهبي ج12 ص219 وتهذيب التهذيب ج5 ص265.

([13]) دلائل الصدق ج2 ص234.

وراجع: ميزان الإعتدال ج2 ص457 وتهذيب الكمال ج15 ص244 وتاريخ الإسلام للذهبي ج12 ص219 وتهذيب التهذيب ج5 ص265.

 
   
 
 

موقع الميزان