صفحة : 35  

التبشير والإنذار:

ويقول العلامة المرحوم الشيخ مرتضى المطهري: إن من يريد إقناع إنسان ما بعمل ما، فله طريقان:

أحدهما: التبشير، بمعنى تشويقه إلى أمر بعينه، وبيان فوائد ذلك الأمر.

الثاني: إنذاره ببيان ما يترتب على تركه من مضار، وعواقب سيئة.

ولذلك قيل: الإنذار سائق، والتبشير قائد.

والقرآن والإسلام يريان: أن الإنسان يحتاج إلى هذين العنصرين معاً، وليس ـ كغيره ـ يكفيه أحدهما.

بل ويرى الإسلام: أنه لا بد أن ترجح كفة التبشير على كفة الإنذار.

ولذلك قدم الأول على الثاني في أكثر الآيات القرآنية.

ومن هنا، فقد قال «صلى الله عليه وآله» لمعاذ بن جبل، حين أرسله إلى اليمن: «يسّر ولا تعسّر، وبشّر ولا تنفّر»، فهو «صلى الله عليه وآله» بكلمته  هذه لم يستبعد الإنذار، بل هو جزء من خطته، وإنما اهتم بجانب التبشير، إذ يمكن بواسطته إدراك مزايا الإسلام وخصائصه الرائعة، وليكون إسلامهم من ثم عن قناعة حقيقية، وقبول تام.

وأما قوله «صلى الله عليه وآله»: ولا تنفّر، فهو واضح المأخذ، فإن روح هذا الإنسان شفافة جداً، وتبادر إلى ردة الفعل بسرعة، ومن هنا نجد النبي «صلى الله عليه وآله» يأمر بالعبادة ما دامت النفس مقبلة، ولا يأمر بالضغط عليها، وتحميلها ما لا تطيق، ولهذا شواهد كثيرة في الشريعة السهلة السمحاء([1]).

هذا.. وقد اشتملت دعوته «صلى الله عليه وآله» لعشيرته على التبشير أيضاً؛ بأن من يؤازره سوف يكون خليفة بعده، وأنه قد جاءهم بخير الدنيا والآخرة، تماماً كما بدأت بالإنذار، وذلك ينسجم مع ما تشتاق إليه نفوسهم، ويتلاءم مع رغباتهم، ويأتي من قبل من لا يمكن أن يكون لديهم موضع اتهام.


 

([1]) راجع: جريدة جمهوري إسلامي الفارسية رقم254 (سنة 1359 هـ ش) في مقالات للمطهري «رحمه الله».

 
   
 
 

موقع الميزان