ورغم وضوح
الأمر إلى حد كبير، ومع تصريح النبي «صلى الله عليه وآله» لطلحة
: بأن
فعله هذا يدخل في دائرة الخذلان، فإن طلحة
، واصل
إصراره وإلحاحه على رسول الله «صلى الله عليه وآله» حتى لم يعد أمام
رسول الله «صلى الله عليه وآله» أي سبيل لردع هذا الرجل عن موقفه الذي
لا بدّ من ردعه عنه.. لأن التصريح النبوي بالإذن له، وخروجه بالفعل من
المدينة إلى الشام
سوف
يترك أثراً بالغ السلبية على معنويات الناس. وسيهز ثباتهم من الأعماق،
فإحتاج إلى تدخل شخص آخر يساعد على كسر هذا الإصرار، ليمكن ردع هذا
الرجل، بطريقة مثيرة له، تظهر للناس حجمه الواقعي من جهة، وتعرفهم
بتصميمه على خذلان النبي «صلى الله عليه وآله» من جهة أخرى حين قال
للنبي «صلى الله عليه وآله»: ائذن لابن الحضرمية
،
فوالله لا عز من نصره، ولا ذل من خذله.
أي أنّه «عليه
السلام» بكلمته هذه قد حل المشكل، وحقق مراد رسول الله
«صلى الله عليه وآله»، فهو
«عليه السلام» لم يقدم بين يدي الله ورسوله، بل أكد ما يريده رسول الله
«صلى الله عليه وآله» وقد تضمن
كلامه:
ألف:
إظهار
الإستهانة بمن يحرص على خذلان رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ويستهين
بالدين وأهله، طمعاً منه بالدنيا، فطلب منه أن يأذن له، وأن لا يكترث
لغيابه لكي لا يظن بنفسه أن وجوده هو الذي يحفظ الدين وأهله.
ب:
إنّه قد نسب
طلحة
إلى أمه
الحضرمية، ربما لأنّه أراد أن يبعده عن قريش
،
وعمّا تفخر به على سائر العرب
من
خِلالٍ ومآثر، وما لها من قداسة فيهم، بسبب سدانة البيت، وغير ذلك..
ج:
إنّه قد صرح له ـ وكان المطلوب التصريح ـ: بأنّه بموقفه هذا سببه أنه
يتعمد خذلان الإسلام وأهله، وأن هذا هو مقصوده الحقيقي من استئذانه،
ولذلك قال له «عليه السلام»: لا عز من نصره، ولا ذل من خذله.
وأفهمه بذلك:
أن محاولته هذه مكشوفة ومعروفة، وذلك يعني: أن طلحة سوف يتحمل مسؤولية
إصراره هذا، وسيبقى ذلك وصمة عار على جبينه، وعلى ذريته، في حياته،
وبعد مماته.
«فكف طلحة
عن
الإستئذان عند ذلك».
|