ثم إن ما جعله
طلحة
ذريعة للحصول
على الأذن بالسفر إلى الشام
وهو أن
له بها مالاً، قد كان في غاية السخافة.. وقد أسقطه «صلى الله عليه
وآله» عن الاعتبار بكلمة واحدة. فإن من البديهي:
أولاً:
أن المال لا يفوته بالتأجيل، ولا سيما إذا كان لمدة يسيرة، كشهر
وشهرين.
ثانياً:
حتى لو فات ذلك المال، لأجل ما هو أهم، مما يرتبط بالمصير للدين وأهله،
فما هي المشكلة في ذلك؟! أليس من الأحكام العقلية الظاهرة تقديم الأهم
على المهم؟!
وكل عاقل يرى:
أن حفظ الدين، والذود عن حياض الإسلام، وتأمين سلامة المسلمين أهم من
المال.. بل قد يجب بذل النفس في هذا السبيل، فكيف بالمال؟!
ثالثاً:
هناك شكوك لا بدّ من أن تراود الخاطر حول مدى صحة هذا الإدعاء الذي
أطلقه طلحة
حول أصل وجود
مالٍ له بالشام
!! وعند من؟!
وكيف حصل ذلك؟!
رابعاً:
إنّه «صلى الله عليه وآله» اكتفى بإيكال الأمر إلى وجدان وعقل وإدراك
الطرف الآخر، حين قال له: «عن مثلها من حال تخذلنا»؟! فإنّه «صلى الله
عليه وآله» قد عرض له الواقع، وأحضرها أمامه، ليكون هو بما يملك من عقل
وتمييز، ووجدان الذي يحكم على قراره هذا.
وقد ضمّن
النبي «صلى الله عليه وآله» كلامه هذا تطبيق مفهوم الخاذل على من يرى
هذا الواقع وتلك الحال، ثم يعرض عنه لينشغل بأمور شخصية ودنيوية لا
قيمة لها.
ولكن طلحة
تعامى
عن رؤية ذلك، وأصرّ على ممارسة ذلك الخذلان، وإن كان ثمن ذلك وقوع
الكارثة، حتى بالنبي «صلى الله عليه وآله» نفسه، وبدينه، وبالمؤمنين.
|