ومما حدث بعد الهجرة، وبالذات بعد زواج علي بفاطمة
«عليه السلام» وإن كان لا يمكننا تحديد تاريخ ذلك، قول علي «عليه
السلام» لأمه، فاطمة بنت أسد
«رضوان
الله تعالى عليها»: إكف فاطمة
بنت رسول الله «صلى الله
عليه وآله» سقاية الماء، وتكفيك الداخل: الطحن والعجن([1]).
وروي عن علي «عليه السلام»، أنه قال:
أهدي إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» حلة استبرق، فقال: اجعلها
خمراً بين الفواطم
..
فشققتها
أربعة أخمرة:
خماراً لفاطمة
بنت
رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وخماراً لفاطمة بنت أسد
،
وخماراً لفاطمة بنت حمزة
، ولم
يذكر الرابعة، قال ابن حجر
: قلت:
ولعلها امرأة عقيل الآتية([2]).
ولعلها فاطمة
التي اصطحبها «عليه السلام» حين الهجرة.
ونشير هنا إلى
ما يلي:
1 ـ
إن علياً «عليه السلام» لم يفرض على زوجته خدمة أمه، ولا فرض على أمه
خدمة زوجته، بل هو طلب أن يتوزعا المهمات فيما بينهما..كل منهما بحسب
ما يناسب حاله..
2 ـ
إنه «عليه السلام» تكلم بطريقة تفيد: أن ما طلبه من هذه كان مطلوباً من
تلك، والعكس صحيح، وذلك لسببين:
أولهما:
ليدل على أن أحداً ليس مكلفاً بخدمة أحد، بل كل إنسان مكلف بالطحن
والعجن، والسقي لنفسه، فإذا كفاه أحد الناس شيئاً من ذلك، فإن مكافأته
له بأن يكفيه هو شيئاً آخر تصبح طبيعية..
ولو أنه «عليه
السلام» فرض الأمر فرضاً عليهما بأن قال:
عليك السقي، وعليها الطحن والعجن، لم يشعر أي من الطرفين بإحسان وجميل
الطرف الآخر، ولم تتبلور لديه رغبة في مساعدته، لو وجده مغلوباً في
الذي يتولاه..
الثاني:
هذه الطريقة في البيان تعطي: أن العامل سوف يشعر بأنه مدين للطرف
الآخر.. ويشعره بمحبته ومودته، وصفاء نيته تجاهه، ويبعد عنه أية حساسية
معه.
3 ـ
ثمة عناية خاصة من النبي «صلى الله عليه وآله» بهؤلاء الفواطم
، فهو
قد أوصى علياً أن يستصحبهنَّ في الهجرة، وهو يهتم بتهيئة موجبات الستر
التام، والصون لهن، فهيأ لهن الخُمُر الساترة، لا الثياب الفاخرة.
([1])
راجع: مجمع الزوائد ج9 ص256 والمعجم الكبير للطبراني ج24 ص353
وأنساب الأشراف (ط مؤسسة الأعلمي) ص37 والمصنف لابن أبي شيبة
ج8 ص156 وأسد الغابة ج5 ص517 والإصابة ج4 ص380 و (ط دار الكتب
العلمية) ج8 ص268 والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج4 ص382 و (ط
دار الجيل) ج4 ص1894 وإمتاع الأسماع ج5 ص352 وتاريخ الخميس ج1
ص468 والدر المنثور في طبقات ربات الخدور ص358 وتهذيب الكمال
ج35 ص248 وسير أعلام النبلاء ج2 ص125 وتاريخ الإسلام ج3 ص621
وسبل الهدى والرشاد ج11 ص47 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج30
ص134.
([2])
راجـع:
الإصابـة
ج4 ص381 و (ط دار الكتب العلمية) ج8 ص271 وأسد
= =
الغابة ج5 ص519 وعمدة القاري ج22 ص17 و 18 والآحاد والمثاني ج1
ص142 وج5 ص469 وشرح معاني الآثار ج4 ص254 والتمهيد لابن عبد
البر ج14 ص251 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص205 وسبل
السلام للكحلاني ج2 ص86 وشرح مسلم للنووي ج14 ص50 وعون المعبود
ج11 ص62 وعيون الأثر ج2 ص371.
|