وقد ذكرت بعض
الروايات اعتراضات لحمزة
، لا
نظن أنها صدرت منه، بل نحن نقطع بعدم صدور بعضها، مثل:
1 ـ
قوله: أخرجت عمك، وأبا بكر
، وعمر
،
والعباس
، وأسكنت ابن
عمك([1]).
فإن ذكر
العباس
لا يصح، لأنه
كان في مكة.. كما أن ذكر أبي بكر وعمر
دون
سائر الذين أخرجهم لا مبرر له.. وادعاء أن لهما مكانة خاصة اقتضت
تخصيصها بالذكر غير ظاهرة، بل هي مجرد تخمين، وتخرّص..
2 ـ
ما ذكرته رواية أخرى: من أنه لما أمر علي الناس بسد أبوابهم، كلهم
فعلوا إلا حمزة
،
فأخبر النبي
«صلى الله
عليه وآله»
بذلك، فقال: قل لحمزة أن
يحول بابه..
فقال له ذلك فحوله([2]).
يشير إلى أن
حمزة قد اعتبر أنه غير معني بهذا الأمر، لأن النبي
«صلى الله
عليه وآله»
يقصد غيره، فلما علم أنه أيضاً مراد ومقصود، لم يتردد في امتثال
الأمر..
3 ـ
تزعم بعض الروايات: أن حمزة لما سمع أن النبي
«صلى الله
عليه وآله»
قال لعلي: اسكن طاهراً مطهراً، قال: يا محمد، تخرجنا وتمسك غلمان بني
عبد المطلب
([3]).
ونحن نقطع
بكذب هذه الرواية، فإن حمزة لا يخاطب النبي بيا محمد، ولا يوجه إليه
هذا الخطاب البعيد عن الأدب والمتضمن لتخطئته «صلى الله عليه وآله»
فيما أقدم عليه.
كما أنه لم
يكن ليوجه أية إهانة لعلي «عليه السلام» فيعتبره من الغلمان.. وهو رجل
كامل عمره حوالي ست وعشرين سنة، وقد فعل في بدر بالمشركين ما لا يجهله
حمزة ولا غيره.
ولم تخف عن
حمزة تضحياته في شعب أبي طـالب ، وفي ليلة الهجرة.. كما أنه قد سمع
النبي
«صلى الله عليه وآله»
يقول له يوم إنذار عشيرته الأقربين: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي إلخ..
فهو يعرف
مكانة علي وموقعه، وقد رأى أثره وجهاده قبل الهجرة وبعدها..
إن قلت:
الغلام يطلق على الكبير والصغير. فالجواب: المقصود هنا الإهانة
والتحقير والتصغير، مقابل شيوخ وكهول قريش ..
ولم يكن يقصد:
أنه «عليه السلام» غلام لم يبلغ الحلم، فقد كان عمره آنئذ حوالي ست
وعشرين سنة. لأن علياً «عليه السلام» قد أسلم وعمره عشر سنوات، وأقام
النبي «صلى الله عليه وآله» بمكة ثلاث عشرة سنة، يضاف إليها ثلاث سنوات
بعد الهجرة، حيث أمر النبي «صلى الله عليه وآله» بسد الأبواب.
([1])
الدر المنثور ج6 ص122 والإصابة ج1 ص373 وكشف الغمة ج1 ص327
ومناقب علي بن أبي طالب «عليه السلام» لابن مردويه ص326 وكشف
اليقين ص379 وبحار الأنوار ج36 ص118 وراجع: ج38 ص190 وج39 ص28
وإحقاق الحق (الملحقات) ج16 ص348 عن أرجح المطالب، وراجع ج5
ص560 وج21 ص254 وفضائل الخمسة ج2 ص149. وراجع: مناقب الإمام
أمير المؤمنين «عليه السلام» للكوفي ج2 ص463 وإعلام الورى ج1
ص320.
([2])
كنز العمال ج15 ص155 و 156
و (ط مؤسسة الرسالة) ج13 ص175 عن البزار، ووفاء الوفاء ج2 ص478
ومجمع الزوائد ج9 ص115 بإسناد رجاله ثقات، إلا حبة العرني وهو
ثقة، وذكره الأميني في الغدير ج3 ص208 عن المجمع، وراجع:
السيرة الحلبية ج3 ص346 و (ط دار المعرفة) ج3 ص460 وشرح
إحقاق الحق (الملحقات) ج16 ص349 وج23 ص91 و 96.
([3])
مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص254 و 255 والطرائف لابن
طاووس ص62 وكشف الغمة ج1 ص331 و 332 و (ط دار الأضواء) ج1 ص339
والصراط المستقيم ج1 ص232 وبحار الأنوار ج39 ص32 وكتاب
الأربعين= = للماحوزي ص447 و 448 وغاية المرام ج6 ص236 ومناقب
علي بن أبي طالب «عليه السلام» لابن مردويه ص144 والعمدة لابن
البطريق ص178 وكشف اليقين ص210 ونهج الإيمان ص437 و 438 وشرح
إحقاق الحق (الملحقات) ج5 ص568 و 569 وج16 ص355 عن المناقب
لابن المغازلي، وعن أرجح المطالب ص415.
|