علي عليه السلام يطيع ولا يقترح

   

صفحة :   

علي عليه السلام يطيع ولا يقترح:

وقد آثر النبي «صلى الله عليه وآله» في حرب أُحد أن يشاور أصحابه في أمر الحرب، لأنهم هم المكلفون بمواجهة الأعداء. وجهاد أهل البغي والباطل، وعلى صحة نواياهم يتوقف صحة جهادهم، ونيلهم لمقام الكرامة والشهادة، حين يتعرض أي واحد منهم لها..

وبدون إخلاص نواياهم لله تعالى، سيكونون مجرد مقاتلين لا مجاهدين، وسيكونون قتلى أو ضحايا لا شهداء، ومن منطلق الرفق بهم والمحبة لهم، وتهيئتهم لنيل مقام الطاعة والإنقياد كان «صلى الله عليه وآله» يطرح عليهم قضية الحرب والسلم، ويطلب منهم أن يظهروا ما أضمروا، وأن يعلنوا ما أبطنوا..

وكنا نجد فيهم المخذل للناس، والمبهور بقوة العدو، المشير بتحاشي الدخول مع الأعداء في حرب، ومن يفضل ذل الإستسلام والخضوع والخنوع على الطاعة لله، ونيل مقام الكرامة والزلفى..

فليراجع القارئ ما جرى في مشورة بدر ، وفي أحد([1])، ليجد مصداق ما نقول..

غير أن ما هو جدير بالملاحظة هنا: أننا لا نجد لعلي «عليه السلام» في هذه المواقع صوتاً أو مبادرة.. بل لا نجد أي حضور في أي من مواقع الإعتراض والإقتراح على رسول الله «صلى الله عليه وآله».. وكأنه غير موجود إلا في موقع التسليم له «صلى الله عليه وآله»، والرضا بما يرضاه، والطاعة لما يأمر، والتصديق لما يقول..

وأما الآخرون من الصحابة، وخصوصاً المناوئين لعلي «عليه السلام».. فنجدهم يقترحون ويعترضون، ويجادلون، ويصرون، ويرضون ويغضبون، وربما ترتفع أصواتهم، وربما يتركون رسول الله، وينصرفون عنه، ليفعلوا ما يحلو لهم.. وقد يهجرون مجلسه، ويمتنعون عن الدخول عليه، حتى يعاتبهم..

وتنزل الآيات القرآنية في تعليمهم تارة، وفي لومهم أخرى، وفي تقريعهم ثالثة، وتهديدهم رابعة.. و.. وإلخ.. فراجع تاريخهم مع النبي «صلى الله عليه وآله»، وتاريخ النبي معهم، فإنه مليء بالغرائب، حافل بالمفاجآت لمن أحسن قراءتها، وتفهّم معانيها ومراميها..


 

([1]) حديث استشارة النبي «صلى الله عليه وآله» للمسلمين في هاتين الواقعتين.

 
   
 
 

موقع الميزان