صفحة : 161-164   

قاتل أصحاب اللواء:

وقالوا: إن أبا سفيان حرض بني عبد الدار ، وهم حملة لواء المشركين على الحرب وطلب طلحة بن أبي طلحة ، حامل لواء المشركين البراز، فبرز إليه علي «عليه السلام» فقتله. فسر رسول الله «صلى الله عليه وآله» بذلك، وكبر تكبيراً عالياً.

ويقال: إن طلحة  سأل علياً «عليه السلام»: من هو؟!

فأخبره، فقال: قد علمت يا قضم: أنه لا يجسر علي أحد غيرك.

وقد ضربه علي «عليه السلام» على رأسه، ففلق هامته إلى موضع لحيته، وانصرف «عليه السلام» عنه، فقيل له: هلا ذففت عليه؟!

قال: إنه لما صرع استقبلني بعورته؛ فعطفتني عليه الرحم. وقد علمت أن الله سيقتله، وهو كبش الكتيبة([1]).

وفي رواية أخرى: أنه صلوات الله وسلامه عليه قال: إنه ناشدني الله والرحم؛ فاستحييت. وعرفت أن الله قد قتله([2]).

وهذه الرواية هي الاولى بالقبول، فإن علياً «عليه السلام» ينساق وراء مبادئه، وواجباته، ولا يتصرف بدوافع عاطفية، أو عصبيات قبلية حين يجب عليه أن لا يوليها أي إعتبار.

وقيل: إن ذلك قد حصل لعلي «عليه السلام» مع أبي سعيد بن أبي طلحة . وثمة كلام آخر في المقام لا أهمية له.

وقال ابن هشام : «لما اشتد القتال يوم أحد ، جلس رسول الله «صلى الله عليه وآله» تحت راية الأنصار ، وأرسل إلى علي «عليه السلام»: أن قدم الراية، فتقدم علي، وقال: أنا أبو القصم (والصحيح: أبو القضم)؛ فطلب أبو سعيد بن أبي طلحة ـ وكان صاحب لواء المشركين ـ منه البراز، فبرز إليه علي «عليه السلام»، فضربه، فصرعه». ثم ذكر قصة انكشاف عورته حسبما تقدم([3]).

واقتتل الناس، وحميت الحرب. وحارب المسلمون دفاعاً عن دينهم، وعن أنفسهم وديارهم فئة حاقدة، تريد أن تثأر لقتلاها في بدر، وهي أكثر منهم عدداً، وأحسن عدة.

ثم شد أصحاب رسول الله «صلى الله عليه وآله» على كتائب المشركين، فجعلوا يضربون وجوههم، حتى انتقضت صفوفهم، ثم حمل اللواء عثمان بن أبي طلحة XE "عثمان بن أبي طلحة" ، أخو طلحة السابق، فقتل، ثم أبو سعيد أخوهما، ثم مسافع؛ ثم كلاب بن طلحة بن أبي طلحة ، ثم أخوه الجلاس، ثم أرطأة بن شرحبيل ، ثم شريح بن قانط ، ثم صواب، فقتلوا جميعاً.

وبقي لواؤهم مطروحاً على الأرض، وهزموا، حتى أخذته إحدى نسائهم، وهي عمرة بنت علقمة الحارثية ، فرفعته، فتراجعت قريش إلى لوائها، وفيها يقول حسان :

ولـولا لـواء الحـارثـيـة أصبحـوا               يباعون في الأسواق بالثمن البخس

ويقال: إن أصحاب اللواء بلغوا أحد عشر رجلاً([4]).

قال الصادق «عليه السلام»، بعد ذكره قتل أمير المؤمنين «عليه السلام» لأصحاب اللواء: «وانهزم القوم، وطارت مخزوم ، فضحها علي «عليه السلام» يومئذٍ»([5]).

وقالوا أيضاً: فأمعن في الناس حمزة وعلي، وأبو دجانة ، في رجال من المسلمين، حتى هزم الله المشركين([6]).


 

([1]) المغازي للواقدي ج1 ص226 وشرح نهج البـلاغـة للمعتزلي ج14 ص236 = = وراجع: البداية والنهاية ج4 ص23 وأعيان الشيعة ج1 ص255 و 386 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص593 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص39 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج2 ص119 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص194 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص498 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج18 ص29 و 82 وج23 ص552 وج30 ص149 وج32 ص352 و 356.

([2]) تاريخ الأمم والملوك ج2 ص194 والكامل في التاريخ ج1 ص152 ووفاء الوفاء ج1 ص293 والأغاني ج14 ص16 والنص والإجتهاد ص342 وجامع البيان ج4 ص166 وأعيان الشيعة ج1 ص386  وراجع: الإرشاد للمفيد ج1 ص86 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص381 وبحار الأنوار ج20 ص85 وج41 ص50 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص498 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص363 و 661 وج18 ص84 وج32 ص354 و 360 .

([3]) السيرة النبوية لابن هشام (ط مكتبة محمد علي صبيح) ج3 ص593  وتاريخ الخميس ج1 ص427 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج4 ص22 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص39 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج2 ص119 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص194 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج18 ص29 و 82 وج23 ص552 وج30 ص149 وج32 ص356.

([4]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص427 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج14 ص236 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص141 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص498.

([5]) الإرشاد للمفيد ص52 و (ط دار المفيد) ج1 ص88 وبحار الأنوار ج20 ص87 عنه، وأعيان الشيعة ج1 ص256 و 387.

([6]) راجع: الكامل في التاريخ ج2 ص153 وتاريخ الخميس ج1 ص427 والنص والإجتهاد ص342 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج32 ص360.

 
   
 
 

موقع الميزان