وقد تضاربت
الروايات في عدد الذين ثبتوا مع رسول الله «صلى الله عليه وآله»، في
أُحد
وتبدأ من
واحد.. حتى تصل إلى ثلاثين رجلاً..
والصحيح:
أن علياً «عليه السلام» هو الذي ثبت وحده مع رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، وانهزم الباقون، ثم صاروا يرجعون إلى القتال واحداً تلو الآخر،
فالظاهر: أن كل راجع كان يخبر عمن وجدهم مع رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، ممن سبقوه إليه، متخيلاً أنهم لم يفروا عنه.
ويدل على أن
علياً قد ثبت، وفرَّ سائرهم:
1 ـ
ما روي عن ابن عباس
: لعلي أربع
خصال: هو أول عربي وعجمي صلى مع رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وهو
الذي كان لواؤه معه في كل زحف، وهو الذي صبر يوم المهراس (يعني يوم
أحد
)، انهزم الناس كلهم غيره، وهو الذي غسله وأدخله قبره([1]).
2 ـ
وقال القوشجي
: «فانهزم الناس عنه سوى علي إلخ..»([2]).
3 ـ
وقالوا: كان الفتح يوم أحد بصبر علي
«عليه السلام»([3]).
فلو كان معه غيره لذكر معه.
4 ـ
إن من يذكرون أنهم ثبتوا في أحد ، قد ورد التصريح بفرارهم فيها، فراجع
في ذلك الجزء السابع من كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله
عليه وآله» في فصل: نصر وهزيمة، من ص173 حتى ص190.
5 ـ
قال زيد بن وهب لابن مسعود
: انهزم الناس
عن رسول الله حتى لم يبق معه إلا علي بن أبي طالب «عليه السلام»، وأبو
دجانة ، وسهل بن حنيف ؟!
قال:
انهزم الناس إلا علي بن أبي طالب وحده، وثاب إلى رسول الله «صلى الله
عليه وآله» نفر، وكان أولهم عاصم بن ثابت، أبو دجانة
، وسهل بن حنيف ، ولحقهم طلحة بن عبيد الله .
قلت:
فأين كان أبو بكر وعمر
؟!
قال:
كانا ممن
تنحى.
قلت:
فأين كان عثمان
؟!
قال:
جاء بعد ثلاثة أيام من الواقعة، فقال له رسول الله «صلى الله عليه
وآله»: لقد ذهبت فيها عريضة.
قال:
فقلت له: فأين كنت أنت؟!
قال:
كنت في من تنحى.
قال:
فقلت له: فمن حدثك بهذا؟!
قال:
عاصم ، وسهل بن حنيف .
قال:
قلت له: إن ثبوت علي في ذلك المقام لعجب.
فقال:
إن تعجبت من ذلك، لقد تعجبت منه الملائكة ، أما علمت أن جبرئيل قال في
ذلك اليوم وهو يعرج إلى السماء:
لا ســيــف
إلا ذو الــفــقـــــار
ولا فــــتـــى
إلا عــــــــــــلي
فقلت له:
فمن أين علم ذلك من جبرئيل ؟!
فقال:
سمع الناس صائحاً يصيح في السماء بذلك، فسألوا النبي «صلى الله عليه
وآله» عنه، فقال: «ذاك جبرئيل
»([4]).
6 ـ
عن سعيد بن المسيب ، قال: لو رأيت مقام علي يوم أحد
لوجدته قائماً على ميمنة رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، يذب عنه بالسيف، وقد ولى غيره الأدبار([5]).
7 ـ
وعن أبي جعفر «عليه السلام» في مناشدات علي لأهل الشورى : نشدتكم
بالله، هل فيكم أحد وقفت الملائكة معه يوم أحد حين ذهب الناس غيري؟!
قالوا:
لا([6]).
8 ـ
وقال «عليه السلام» لبعض اليهود عن حرب أحد : «وبقيت مع رسول الله «صلى
الله عليه وآله»، ومضى المهاجرون والأنصار إلى منازلهم من المدينة
»([7]).
9 ـ
وعن
أنس
: أن الذين
ثبتوا في أحد هم واحد من المهاجرين ، وسبعة من الأنصار
. وقتل هؤلاء السبعة كلهم([8]).
ومن الواضح:
أن هذا المهاجري ليس إلا علي بن أبي طالب «عليه السلام»، كما أن
الرواية دلت على أن بعض المهاجرين والأنصار حين فروا في أحد ذهبوا إلى
منازلهم، وليس كلهم.
([1])
المناقب للخوارزمي ص21 و22 و (ط مركز النشر الإسلامي) ص58
والإرشاد للمفيد ص48 و (ط دار المفيد) ج1 ص79 وتيسير المطالب
ص49 وذخـائر العقبى ص86 وبحار الأنوار ج20 ص81 وج38 ص240 و 256
ومناقب
= =
أهل
البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص39 والإستيعاب ج3 ص27 و (ط
دار الجيل) ج3 ص1090 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص117 ونظم
درر السمطين ص134 وشواهد التنزيل ج1 ص118 وتاريخ مدينة دمشق
ج42 ص72 وكشف الغمة ج1 ص79 و 190 وراجع: المستدرك للحاكم ج3
ص111 وتلخيصه للذهبي بهامشه، وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج4
ص454 و 455 وج15 ص430 و 654 وج20 ص457 وج22 ص146 وج23 ص509
وج31 ص296 و 604 وتهذيب الكمال ج20 ص480 والوافي بالوفيات ج21
ص178 والعدد القوية ص244 وبناء المقالة الفاطمية ص133 ومنهاج
الكرامة ص95 وغاية المرام ج5 ص175 وراجع: والخصال ج1 ص210 و 33
وكفاية الطالب ص336.
([2])
شرح التجريد للقوشجي ص486 ودلائل الصدق ج2 ص387 وكشف المراد في
شرح تجريد الإعتقاد (تحقيق الآملي) ص521 و (تحقيق الزنجاني)
ص408 وسفينة النجاة للتنكابني ص367.
([3])
راجع: شرح إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص364 وج18 ص84 عن الشبلنجي
في نور الأبصار (ط مصر) ص80 وعن باكثير الحضرمي في وسيلة المآل
(نسخة المكتبة الظاهرية بدمشق) ص148.
([4])
الإرشاد للمفيد ج1 ص83 ـ 85 وبحار الأنوار ج20 ص81 ـ 85 و 72
وراجع ج41 ص82 والدر النظيم ص159 ـ 160 ونقلت فقرات من هذا
الحديث في مصباح الأنوار ص314 وإرشاد القلوب ص241 ومناقب آل
أبي طالب ج2 ص315 وكشف الغمة ج1 ص193.
([5])
الإرشاد للمفيد ج1 ص88 وبحار الأنوار ج20 ص87 وأعيان الشيعة ج1
ص390.
([6])
الإحتجاج ج1 ص199 وبحار الأنوار ج20 ص69 وج31 ص333 وغاية
المرام ج2 ص129 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج3 ص217.
([7])
الخصال (ط مركز النشر الإسلامي) ص368 والإختصاص للمفيد ص167
وبحار الأنوار ج20 ص69 وج38 ص170 وحلية الأبرار ج2 ص363.
([8])
البداية والنهاية ج4 ص26 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج4 ص29
وصحيح ابن حبان ج11 ص18 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص51 وسبل
الهدى والرشاد ج4 ص203 وحياة الصحابة ج1 ص533.
وذكر
اثنين من المهاجرين، بدل واحد في: صحيح مسلم (ط دار الفكر) ج5
ص178 ومسند أحمد ج1 ص463 وج3 ص286 وذخائر العقبى ص181 ومجمع
الزوائد ج6 ص109 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص44 والسنن الكبرى
للنسائي ج5 ص196 ومسند أبي يعلى ج6 ص67 و 68 والجامع لأحكام
القرآن ج2 ص364 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص421 و 424 والدر
المنثور ج2 ص84 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص175 والبداية
والنهاية (ط دار = = إحياء التراث العربي) ج4 ص46 والسيرة
النبوية لابن كثير ج3 ص80 وينابيع المودة ج2 ص215 وشرح مسلم
للنووي ج12 ص147 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص491 وشرح إحقاق
الحق (الملحقات) ج16 ص474.
ومن
الواضح: أن عاصم بن ثابت أبا دجانة لم يكن مهاجرياً أيضاً، وفي
سح السحابة: أن الأنصار قتلوا جميعاً كما في تاريخ الخميس ج1
ص346.
|