صفحة : 258   

المعالجة النفسية:

لقد مثل ما جرى في أحد ضربة روحية هائلة لأولئك الفارين عن رسول الله «صلى الله عليه وآله»، حيث لم يبق معه سوى علي «عليه السلام»، ثم إن ما جرى للمشركين على يد علي «عليه السلام» قد مكن ثلة من المسلمين من العودة للقتال، فكان ذلك بمثابة مسكن للأوجاع، أو مهدئ للروح، ومن موجبات إستعادة الأنفاس، فعادت إلى القتال ثلة من أولئك الفارين.

ولكن جمعاً من المسلمين، إنتهى بهم فرارهم إلى المدينة، وبعضهم لم يرجع إلا بعد ثلاثة أيام، وبقي قسم معتصماً بالجبل، ولم يجرؤ على العودة إلى ساحات القتال والنزال..

وكان همّ النبي «صلى الله عليه وآله» منصباً على محاولة معالجة حال هؤلاء، وإعادة الثقة لهم بأنفسهم.

وقد تأكدت الحاجة إلى هذه المعالجة حين طلب منهم أن يأتيه أحدهم بالماء من المهراس، وكذلك حين أراد أن يتعرف خبر المشركين بواسطة أحدهم أيضاً، فامتنعوا كلهم عن الإستجابة لهذا الطلب وذاك..

فاضطر إلى إرسال علي «عليه السلام» في هاتين المهمتين رغم جراحه، وما يعانيه من آلامها.

ولعل هذا هو السبب في إرساله علياً «عليه السلام» إلى المدينة ليبشر أهلها، فإنه لو أراد إرسال غيره فلربما لا يجد من يستجيب له أيضاً..

ولأجل هذه الهزيمة الروحية طلب «صلى الله عليه وآله» من علي «عليه السلام» أن لا يخبرهم بأمر جيش المشركين إلا بنحو لا يترك أثراً سلبياً على روحية القوم، فإن نفس سرورهم بإنكشاف عدوهم عنهم ناشئ عن رعبهم منه، وحجم هذا السرور يدل على حجم ذلك الرعب.. وهو لا يريد لهم أن يتمثلوا موجبات الرعب الذي ينتج لهم سروراً كهذا..

 
   
 
 

موقع الميزان