1 ـ
ولا ندري بماذا نفسر حرص عُمر بن الخطاب على سلب عَمرو درعه، لا سيما
مع قوله: ليس في العرب درع مثلها، وعتبه على أمير المؤمنين «عليه
السلام» لعدم مبادرته لأخذها. مع أنه يعلم: أن الدرع لن تخرج من يد
المسلمين، وأن غير أمير المؤمنين أحوج إلى تلك الدرع منه «عليه
السلام»..
إلا إن كان
يرى أن الحصول على درع ليس في العرب مثلها أمر يهتم له علي «عليه
السلام»، وسوف يتحسر أو يتحرق على فواته.. حتى وهو يعلم أن بعض
المسلمين يحتاجونها لحفظ أنفسهم..
ولكن الحقيقة هي:
أن من يضحي بنفسه في سبيل الله، ويشري نفسه ابتغاء مرضات الله، لا يفكر
بالحصول على الغنائم والأسلاب.
2 ـ
إن جواب علي «عليه السلام» ينضح بالترفع، ويفيض بالنبل والكرم
والرجولة، ويؤكد عزوفه عن كل ما هو من حطام الدنيا..
كما أنه «عليه السلام» حتى في هذا الموقف الصعب والخطير، الذي تزل فيه
الأقدام، وتختل فيه المعايير والضوابط، وفي زحمة الأهوال والمخاطر، وفي
خضم إلتهاب المشاعر، يبقى محتفظاً بالدقة في ممارساته، وبالتوازن
والإستقامة على خط القيم الرفيعة، والتزام الأخلاق الفاضلة والنبيلة..
وهو «عليه السلام» يتجاوز حدود الإنصاف مع أعدائه ليرتقي إلى درجات
التفضل والتكرم عليهم بما ليسوا من أهله.. فهو يتعامل معهم بأخلاقه
وقيمه، ولا يعاملهم بما تقتضيه ممارساتهم اللاإنسانية، وأخلاقهم
الشيطانية.
|