وذكروا:
أن علياً «عليه السلام» قال: إن الحرب خدعة، واستشهد على ذلك بأن النبي
«صلى الله عليه وآله» هو الذي أوقع الخلاف بين بني قريظة
، وجيش
الأحزاب
، فإنه حين
بلغه أن بني قريظة
بعثوا
إلى أبي سفيان
: إذا التقيتم
أنتم ومحمد، أمددناكم وأعناكم، خطب فقال: إن بني قريظة بعثوا
إلينا: أنا إذا التقينا نحن وأبو سفيان أمددونا وأعانونا..
فبلغ ذلك
أبا سفيان ،
فقال:
غدرت يهود
، فارتحل عنهم([1]).
ويستوقفنا في
هذه الرواية:
أولاً:
أن الضمير في هذه الرواية في قوله: فارتحل عنهم يرجع إلى المسلمين،
وهذا معناه: أن فساد الأمر بين بني قريظة وبين أبي سفيان قد حصل قبل
قتل عمرو بن عبد ود
.
مع أن ذلك لا
يستقيم، فإن ارتحال أبي سفيان
كان
بعد ذلك، وقتل عمرو بن عبد ود كان هو السبب في ارتحالهم.
ثانياً:
ظاهر هذه الرواية: هو أن ارتحال أبي سفيان والأحزاب كان بسب فساد الأمر
بين أبي سفيان وبين بني قريظة
، مع
أن السبب هو قتل عمرو بن عبد ود
ومن معه من
الفرسان، لأجل ما أصاب الأحزاب من رعب وخوف.
ثالثاً:
إن كان الضمير في قوله: فارتحل عنهم يرجع إلى بني قريظة
: فهو
لا يستقيم أيضاً، لأن أبا سفيان لم ينزل عليهم، ولم يكن عندهم، وإنما
بلغه كلام النبي «صلى الله عليه وآله» وهو في جيشه الذي كان عند
الخندق..
على أنه لو
كان قد قصد بني قريظة
لينسق
معهم، فبلغه كلام النبي «صلى الله عليه وآله».. فالسؤال هو:
كيف علم بخطبة
رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟!
وهل لحقه لاحق
إلى هناك وأخبره؟!
وإذا كان قد
حصل ذلك، فلماذا لم يطالبهم؟! وإذا كان قد طالبهم، فبماذا أجابوه؟!
ولِم لم يقبل منهم؟!
إن ذلك لم
يتضح لنا من نص الرواية المذكورة.
والسؤال الأهم هو:
إذا كان قد اتفق مع بني قريظة
، وبلغ
خبر الإتفاق إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فما الحاجة إلى
الذهاب إليهم مرة أخرى؟!
وإذا كان لم يتفق بعد معهم، فلا معنى لقول الرواية:
إنه بلغ رسول الله اتفاقهم على كذا، إذ لم يكن هناك اتفاق أصلاً..
رابعاً:
المعروف: أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان إذا أراد غزوة ورّى
بغيرها، وهذا معناه: أنه «صلى الله عليه وآله» ينزه نفسه حتى عن الكذب
الجائز، كالكذب في الحرب، إذ ليس كل جائز يليق أن يصدر من النبي
والرسول، لأن الناس إذا رأوا النبي يكذب فيما يجوز، فإنهم يستحلون
الكذب فيما لا يجوز أيضاً.
([1])
راجع: قرب الإسناد ص63 و (ط مؤسسة آل البيت) ص133 وبحار
الأنوار ج20 ص246 عنه، وج97 ص31 وج100 ص31 ووسائل الشيعة (ط
مؤسسة آل البيت) ج15 ص134 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص102 و 103
وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص152 وموسوعة أحاديث أهل البيت «عليهم
السلام» للنجفي ج3 ص270.
|