وتقدم:
أن حيي بن أخطب
أقيم للقتل بين يدي أمير المؤمنين وهو يقول: قتلة شريفة
بيد شريف.
فقال له علي
«عليه السلام»:
إن خيار الناس يقتلون شرارهم، وشرار الناس يقتلون خيارهم، فالويل لمن
قتله الخيار الأشراف، والسعادة لمن قتله الأراذل الكفار.
فقال:
صدقت.
فنلاحظ:
1 ـ
إعتراف هذا اليهودي بشرف
علي «عليه السلام»، وبأن الشريف يقابله الشرير، وهذه شهادة منه على
نفسه بأنه من الأشرار، وشهادة منه لعلي بأنه من الأشراف.
وإذا كان قد صدَّق بالمعادلة
التي أوردها علي «عليه السلام»، وهي أن الأشرار يقتلهم الأخيار، فإنه
يكون قد اعترف أيضاً بأن علياً «عليه السلام» من الأخيار..
2 ـ
إن المعادلة التي أوردها علي «عليه السلام»، واعترف بصحتها ذلك اليهودي
المعاند، رغم أن ذلك في غير صالحه.. هي معادلة واقعية وصحيحة، فإن
الشرير يندفع لقتل الأخيار، لأنه يحقد عليهم ويعاديهم، لمنافرة حاله مع
حالهم، ومناقضة واقعه وكل وجوده مع كل وجودهم وواقعهم، وهو يراهم حجر
عثرة في طريقه، فيسعى لإزاحته والتخلص منه، لشدة أنانيته من جهة،
ولحقده البالغ من جهة أخرى..
كما أن الأخيار حين يرون أن وجود الأشرار معناه إشاعة
الموت والفناء والتلاشي، ويقضي على كل نبضات الحياة، ويهاجم مختلف
مصادر الخير والعطاء، ويذهب بكل موجبات الفلاح والنجاح فيها، فإنه
يندفع أيضاً لإزاحته من الطريق، لأنه يريد للبشرية أن تحيا، وللخير أن
يستمر ويتنامى..
|