قال ابن
إسحاق
، والواقدي ، وابن سعد
محمد بن سعد (صاحب الطبقات)"
:
إن النبي «صلى الله عليه وآله» فرق الرايات، ولم تكن الرايات إلا يوم
خيبر
، وإنما كانت الألوية([1]).
وكانت راية رسول الله «صلى الله عليه وآله» سوداء، من
برد عائشة
تدعى العقاب،
ولواؤه أبيض، دفعه إلى علي بن أبي طالب «عليه السلام»..
ودفع راية إلى الحباب بن المنذر
، وراية إلى
سعد بن عبادة
. وكان شعارهم: يا منصور أمت([2]).
وأضاف
الحلبي :
راية إلى أبي بكر
،
وراية إلى عمر
([3]).
ونقول:
أولاً:
قالوا: إن اللواء الذي دفعه النبي «صلى الله عليه وآله» إلى علي «عليه
السلام» يوم خيبر ـ
وكان أبيضاً ـ كان يقال له: العقاب أيضاً([4]).
وذلك يشير إلى عدم الفرق بين اللواء والراية، فإن
العقاب الذي كان عند النبي «صلى الله عليه وآله» كان يقال له: راية
تارة، ويقال له: لواء أخرى.
ثانياً:
ذكروا: أن النبي «صلى الله عليه وآله» أعطى اللواء لعلي «عليه السلام»
في قضية قتل مرحب
، مع أن الكلمة التي تناقلوها عن النبي «صلى الله عليه وآله» في ذلك
هي: «لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله إلخ..»..
وفي نص آخر:
أنه «صلى الله عليه وآله» قال لعلي «عليه السلام»: خذ هذه الراية وتقدم([5]).
وذلك يؤكد على عدم الفرق بين
اللواء والراية أيضاً.
إلا أن
يقال:
إنه «صلى الله عليه وآله» قد جمع لعلي «عليه السلام» هنا بين الراية
واللواء.
ثالثاً:
تقدم في غزوة أحد
: أنهم
تارة يقولون: كانت راية رسول الله «صلى الله عليه وآله» مع علي «عليه
السلام» في بدر
وفي كل
مشهد.
وأخرى
يقولون:
كان علي «عليه السلام» حامل لواء رسول الله «صلى الله عليه وآله» في
بدر
وفي كل مشهد،
والظاهر أنهم يريدون الحديث عن شيء واحد..
رابعاً:
ومما يدل على أن الراية واللواء كانا سابقين على خيبر
، وقد
جمعهما النبي «صلى الله عليه وآله» لعلي «عليه السلام» قبل هذه الغزوة،
قول الشيخ المفيد
«رحمه
الله»: «ثم تلت بدراً غزاة أحد
، فكانت راية رسول الله «صلى الله عليه وآله» بيد أمير
المؤمنين «عليه السلام» فيها، كما كانت بيده يوم بدر، فصار اللواء إليه
يومئذ، ففاز بالراية، واللواء جميعاً»([6]).
وقال «رحمه
الله» أيضاً، ما ملخصه:
كانت راية قريش
ولواؤها بيد قصي بن كلاب
، ثم
لم تزل بيد ولد عبد المطلب
، فلما
بعث النبي «صلى الله عليه وآله» صارت راية قريش وغيرها
إلى النبي «صلى الله عليه وآله»، فأعطاها علياً «عليه السلام» في غزاة
ودّان، وهي أول غزاة حملت فيها راية في الإسلام.
ثم لم تزل مع علي «عليه السلام» في المشاهد، في بدر
، وأحد
.
وكان اللواء بيد بني عبد الدار
، فأعطاه رسول
الله «صلى الله عليه وآله» إلى مصعب بن عمير
،
فاستشهد، ووقع اللواء من يده، فتشوقته القبائل، فأخذه «صلى الله عليه
وآله» فدفعه إلى علي «عليه السلام»، فجمع له يومئذ الراية واللواء،
فهما إلى اليوم في بني هاشم
([7]).
خامساً:
ويدل على عدم صحة قولهم: إنه «صلى الله عليه وآله» جمع الراية واللواء
يوم خيبر ما رواه أبو البختري
عن
الإمام الصادق
عن أبيه
«عليهما السلام»: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» بعث علياً «عليه
السلام» يوم بني قريظة
بالراية، وكانت سوداء تدعى العقاب، وكان لواؤه أبيض([8]).
قال
المجلسي
:
الراية: العلم الكبير، واللواء أصغر منها، قال في المصباح: لواء الجيش
علمه، وهو دون الراية([9]).
والحديث عن اتحاد اللواء مع
الراية واختلافهما لا أثر له هنا، فالنصوص تقول: إنه «صلى الله عليه
وآله» كان يعطي اللواء لعلي «عليه السلام»، وكان يعطي الراية لعلي سواء
اتحدا أو اختلفا.
([1])
سبل الهدى والرشاد ج5 ص120 وقال في الهامش: أخرجه البيهقي في
الدلائل ج4 ص48 وذكره ابن حجر في المطالب العالية (4202)
والواقدي في المغازي ج1 ص407، و (ط أخرى) ج2 ص649.
والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص106 وإمتاع الأسماع ص313 والسيرة
الحلبية ج3 ص35 و (ط دار المعرفة) ج2 ص734.
([2])
سبل الهدى والرشاد ج5 ص120 وفي الهامش قال: أخرجه البيهقي في
الدلائل ج4 ص48 وذكره ابن حجر في المطالب العالية (4202)
والواقدي في المغازي ج2 ص649.
وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص35 و (ط دار المعرفة) ج2 ص734
والإمتاع ص311 و 313 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص442.
([3])
السيرة الحلبية ج3 ص35 و (ط دار المعرفة) ج2 ص734.
([4])
السيرة الحلبية ج3 ص36 و (ط دار المعرفة) ج2 ص734 عن سيرة
الدمياطي.
([5])
راجع: السيرة الحلبية ج3 ص36 و (ط دار المعرفة) ج2 ص734 وكشف
الغطاء ج1 ص15 وشرح الأخبار للقاضي النعمان ج1 ص302 والعمدة
ص153 والطرائف لابن طاووس ص57 والصوارم المهرقة ص35 وبحار
الأنوار ج39 ص90 وبغية الباحث ص218 والمعجم الكبير للطبراني ج7
ص35 والثقات لابن حبان ج2 ص13 والكامل لابن عدي ج2 ص61 وتاريخ
مدينة دمشق ج42 ص89 والبداية والنهاية ج7 ص373 والسيرة النبوية
لابن هشام ج3 ص798.
([6])
الإرشاد ج1 ص78 وبحار
الأنوار
ج20 ص79 و80 عنه،
والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص65 وأعيان الشيعة ج1 ص254.
([7])
الإرشاد ص48 و (ط دار المفيد XE "المفيد"
) ج1
ص79 وبحار الأنوار ج20 ص80 وج42 ص59 ومناقب آل أبي طالب ج3
ص299 و (ط المطبعة الحيدرية) ج3 ص85 وكفاية الطالب ص335 وإعلام
الورى ص193 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص377 وأعيان الشيعة ج1
ص337.
([8])
قرب الإسناد ص 131 وبحار الأنوار ج20 ص246 ووسائل الشيعة (ط
مؤسسة آل البيت) ج15 ص144 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص110 وجامع
أحاديث الشيعة ج13 ص115.
([9])
بحار الأنوار ج20 ص246.
|