وكان أول حصن فتح من حصون النطاة حصن ناعم ، وقد فتح
على يد علي «عليه السلام»([1]).
وفيه قتل محمود بن مسلمة ، وقيل:
إن مرحباً هو الذي قتله.
وزعموا:
أن أخاه محمداً أخبر النبي «صلى الله عليه وآله» بقتل أخيه، فقال له
«صلى الله عليه وآله»: إنه سوف يرسل رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله
ورسوله ليأخذ له بثأر أخيه، ثم أرسل علياً «عليه السلام».
ونقول:
إننا نشك في
صحة ذلك، لما يلي:
أولاً:
إن النبي «صلى الله عليه وآله» إنما قال كلمته هذه حين قتل علي «عليه
السلام» مرحب اليهودي.. إلا إذا كان هؤلاء يريدون التشكيك، أو صرف
الأنظار عن فرار عمر بالراية يوم خيبر . أو أنه «صلى الله عليه وآله»
قال ذلك على سبيل الإخبار بالغيب، الذي علمه الله إياه حول ما سيكون من
فرار البعض، ثم فتح خيبر على يد علي «عليه السلام»..
ثانياً:
لماذا لم يرسل محمد بن مسلمة بالذات لهذه المهمة؟! أعني: مبارزة مرحب ،
ليشفي غليل صدره من قاتل أخيه، فإنهم يسعون إلى تسطير الفضائل لابن
مسلمة ، ربما ليكافئوه على مناصرته، ومؤازرته، ومشاركته في الهجوم على
بيت فاطمة الزهراء بنت رسول الله «صلى الله عليه وآله» بعد وفاة
أبيها..
ثالثاً:
زعمت بعض النصوص التي يروونها مضادة منهم لعلي «عليه السلام»: أن ابن
مسلمة هو الذي قتل مرحباً، الذي يدعون أنه قتل محمود بن مسلمة
..
مع أنهم
يذكرون ما يدل على أن مرحباً كان حبيباً وقريباً لمحمد بن مسلمة ، وأن
ابن مسلمة قد انزعج لقتله، وحقد على قاتله.
فقد قال ابن
قتيبة :
إن أمير المؤمنين «عليه السلام» قال: ذنبي إلى محمد بن مسلمة أني قتلت
أخاه يوم خيبر : مرحب اليهودي([2]).
ولعله كان
أخاه على الحقيقة، أو كان أخاه من الرضاعة، أي لم يكن أخاه لأمه..
رابعاً:
هناك نص يقول: إن الذي قتل محمود بن مسلمة هو كنانة بن الربيع ، أو شخص
آخر، أسره علي «عليه السلام»، وسلمه لمحمد بن مسلمة ليقتله
بأخيه([3]).
([1])
السيرة الحلبية ج3 ص39 و (ط دار المعرفة) ج2 ص740 وعون المعبود
ج8 ص172.
([2])
الإمامة والسياسة (ط سنة 1356 هـ) ج1 ص54 و (تحقيق الزيني) ج1
ص53 و (تحقيق الشيري) ج1 ص73 وقاموس الرجال ج8 ص388 و (ط مركز
النشر الإسلامي) ج9 ص586 عنه.
([3])
راجع: السيرة الحلبية ج3 ص34 و (ط دار المعرفة) ج2 ص740 وشرح
السير الكبير للسرخسي ج1 ص281.
|