صفحة : 96-98   

لماذا لم تنقل الأمم ذلك؟!:

وقد حاولوا التشكيك بهذه الحادثة، بأن الشمس لو ردَّت بعدما غربت لرآها المؤمن والكافر، وهو أمر غريب تتوفر الدواعي على نقله، فالمفروض أن ينقله جماعةكثيرة من الأمم المختلفة([1]).

والجواب:

أولاً: إن الدواعي لدى كثير من أهل الإسلام كانت متوافرة على كتمان هذا الحديث والتكتم على هذا الحدث، لأنه مرتبط بعلي أمير المؤمنين «عليه السلام»، الذي سبوه حوالي ألف شهر على منابرهم، ولم يدخروا وسعاً في تصغير قدره، وإبطال أمره، والتشكيك بفضائله، وإنكار مقاماته إن أمكنهم ذلك.

ورغم ذلك، فإن هذه الحادثة قد نقلت عن ثلاثة عشر صحابياً.

ثانياً: إن الشمس قد حبست ليوشع بالإتفاق، وهو حدث كوني أيضاً، وإنما وصل إلينا خبر ذلك بواسطة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم([2]). ولم تنقله الأمم في كتاباتها، ولا أهل الأخبار في مروياتهم.

ثالثاً: وقد عبرت بعض الروايات: بحبس الشمس لعلي «عليه السلام».. والحبس يقتضي أن تكون قد شارفت على المغيب، فتحبس حتى يقضي علي «عليه السلام» صلاته، ثم تغيب. وقد لا يلتفت إلى هذا الأمر إلا الذي هو معني به.

كما أن بعضها قال: إن الشمس حين رُدَّت، كانت قد غابت، أو كادت تغيب([3]).

فردها مع وجود النور القوي قد لا يتنبه له الكثيرون، وليس لمراد بردها جعلُها في وسط قبة الفلك، بل المراد ردها بمقدار يتمكن فيه المصلي من أداء صلاته..

فلماذا لا يقال: إن الشمس حبست في بعض المرات، وردَّت في بعضها الآخر، في وقت كان نورها لا يزال غامراً للأفق، فلم يلتفت الناس إلى ما جرى، إلا الذين كانوا يراقبونها، كأولئك الذين جرت القضية أمامهم، ويريد الله ورسوله أن يريهم هذه الكرامة لعلي «عليه السلام»..

رابعاً: سيأتي إن شاء الله تعالى: أن حصول هذا الأمر كان على سبيل الكرامة والإعجاز الإلهي، وإنما يجب أن يري الله تعالى معجزته لمن أراد سبحانه إقامة الحجة عليه، وإظهار الكرامة له، كما سيتضح.


 

([1]) راجع: بحار الأنوار ج41 ص175 عن مناقب آل أبي طالب ج1 ص359 ـ 365 وراجع: البداية والنهاية ج6 ص79 و 80 وراجع ص87 والمواهب اللدنية ج2 ص211 ومنهاج السنة ج4 ص187 و 189 وغير ذلك.

([2]) منهاج السنة ج4 ص184.

([3]) راجع: بحار الأنوار ج17 ص359 وج80 ص324 عن صفين للمنقري، وعن الخرائج والجرائح، وفضائل أمير المؤمنين «عليه السلام» لابن عقدة ص75 ورسائل في حديث رد الشمس للمحمودي ص213 و 214 وراجع: البداية والنهاية ج6 ص77 و (ط دار إحياء التراث العربي) ص86 وتاريخ مدينة دمشق (بتحقيق المحمودي) ترجمة الإمام على ج2 ص292 و(ط دار الفكر) ج 42 ص314 وراجع ج70 ص36 والموضوعات لابن الجوزي (ط المكتبة السلفية) ج1 ص15 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج5 ص526.

 
   
 
 

موقع الميزان