وحين سار علي
«عليه
السلام»
باصحابه ذلك السير الحثيث الذي أتعبهم، يكون قد أفهمهم بذلك أن ثمة
جدية حقيقية في إنجاز أمر رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
على أحسن وجه وأتمه.
ولعلهم أصبحوا
يتخوفون من أن يكون للتعب الذي لحقهم في مسيرهم هذا دوراً في خسارتهم
الحرب التي يترقبونها.. فأراد
«عليه
السلام»
أن يطمئنهم، ولكن لا بالوعود المادية، ولا بالخطب الحماسية، بل
بإعطائهم جرعة إيمانية روحية، تتولى هي شحذ عزائمهم، وتقوية ضعفهم،
وتعطيهم المزيد من الرضا والسعادة والبهجة، وذلك بالاعتماد على الغيب
الذي يربطهم بالله سبحانه، وبرسوله.
فذكر لهم قول
رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»
بصيغة الإخبار من النبي الكريم
«صلى الله
عليه وآله»
لهم بالفتح العظيم.
والخبر من النبي «صلى الله عليه وآله» معناه:
أن الله سبحانه هو الذي عرف رسوله به، وأطلعه على غيبه.. فليس الأمر
مجرد تفاؤل، ولا هو كلام لمجرد التشجيع، وإثارة الحماس..
ولذلك يقول النص المتقدم:
إن نفوسهم قد طابت وقلوبهم اطمأنت، وواصلوا سيرهم الشاق، وزالت عنهم
الوساوس والمخاوف..
وقد حرص علي
«عليه السلام» على أن يستعيد جيشه الثقة التي فقدها بسبب تثبيط عزائمه
من قبل الذين سبقوه، حيث صار يجبِّن بعضهم بعضاً. وأن يزيل كل شبهة عن
المقاتلين، ويطمئنهم إلى أنه لا مبرر للمخاوف، ولا معنى لمعاناة أية
توترات..
|