وعن سؤال:
ألم يكن يكفي
أن يرسل «صلى الله عليه وآله» علياً وحده لأخذ الكتاب من تلك المرأة؟!.
ونجيب:
قد تكون هناك
عدة أسباب اقتضت إشراك البعض في هذا الأمر:
أولاً:
أن الأمر لا يقتصر على إرادة الحصول على الرسالة، ومنعها من الوصول إلى
قريش، بل هو يريد أن يثير جواً يشعر الناس بمدى خطورة تصرف كهذا، وأن
عواقب تسريب أية معلومة عن تحركات النبي «صلى الله عليه وآله» ستكون
بالغة الخطورة والقسوة على من تسول له نفسه الدخول في هذه المخاطرة..
فكان أن اختار
«صلى الله عليه وآله» لهذه المهمة أشخاصاً من فئات شتى، ولهم توجهات
وارتباطات، وأهواء مختلفة ليشيع هذا الأمر في كل اتجاه، ويكون حديث كل
ناد وبيت، وليأخذ الجميع منه العبرة على أتم وأبلغ وجه..
ثانياً:
إن إرسال هؤلاء جميعاً، وفشلهم في تحقيق الغرض المطلوب وظهور ضعف
نفوسهم، حتى أمام امرأة لا حول لها ولا قوة، في حالات السلم كما في
الحرب ـ إن ذلك ـ كان مطلوباً من أجل تعريف الناس بفضل أهل الفضل، فإن
لهذه المهمات أهلها، فلا يصح إيكالها إلى أي كان من الناس.. بل لا بد
من التبصر والتدقيق البالغ في مواقف كهذه.
ثالثاً:
إن ما حصل قد أفهم الجميع بأن عليهم أن يتلمسوا مدى التفاوت بين علي
عليه السلام، وبين سائر من شارك في هذا الأمر.. فلا يقاس أحد منهم به
وبما له من معرفة، ووعي ويقين، وصحة تدبير، وكيفية نظرته للوحي الكريم
وللنبي العظيم، وتعامله مع أوامره، واخباراته، وسائر ما يصدر عنه..
وأن ما يدعيه
الآخرون لأنفسهم، أو ما يدعيه الناس لهم، من مقامات وبطولات، وخصائص
وميزات، وجهاد وتضحيات، ما هو إلا زيف خادع، وسراب لامع..
وحسبهم أنهم
خالفوا أمر النبي «صلى الله عليه وآله» لهم حين قال: خذوه منها، وخلوا
سبيلها، فإن أبت فاضربوا عنقها..
|