صفحة : 243-244   

إن أبت فاضربوا عنقها:

وبعد ما تقدم نقول:

ألف: قوله «صلى الله عليه وآله»: فإن أبت فاضربوا عنقها، يدل:

أولاً: على عمق يقين النبي «صلى الله عليه وآله» بأمر الرسالة، يجعل من تخلية سبيل تلك المرأة عصياناً لهذا الأمر الصادر عنه «صلى الله عليه وآله» بقتلها..

ثانياً: إن هذه الكلمة تدلنا على حكم من يفشي سر المسلمين، ويصر على التآمر عليهم، فإن حكمه القتل، حتى لو كان امرأة.

ثالثاً: إن قتلها يجعل إيصال الكتاب إلى المشركين متعذراً، لأن الكتاب إن كان معها، فقد قتلت، وإن كانت قد خبأته في مكان، فلم يعد هناك من يدل عليه.

أما بالنسبة لتخلية سبيلها بعد أخذ الكتاب منها، فهو حكم إرفاقي، وإحسان بالغ لها، لأن الكتاب أخذ منها رغماً عنها، وبعد التهديد بالقتل.

ب: إنه «صلى الله عليه وآله» لو أمرهم بالإتيان بها ـ ولم يأمر بضرب عنقها ، لوجدنا الكثيرين يأتون بها ـ لأن ذلك لا يضرهم، لا عند قريش، ولا عند غيرها.. ولكنه حين أمرهم بضرب عنقها فـ:

أولاً: إن الكثيرين قد لا ينصاعون لهذا الأمر النبوي..

ثانياً: إن ذلك قد يمنع من انكشاف أمر هؤلاء الذين صدقوا المرأة، وكذبوا النبي «صلى الله عليه وآله».

ثالثاً: إنه قد لا ينكشف كذب المرأة إذا كانت قد خبأت الكتاب في موضع، حين أحست بالطلب والملاحقة.. بل قد يظهر: أنها مظلومة.. وأن النبي «صلى الله عليه وآله» غير دقيق فيما يصدره من أوامر، أو يطلقه من اتهامات..

ج: ويظهر مما تقدم: الحكمة في أنه «صلى الله عليه وآله» أمرهم أن يأتوه بالكتاب لا بالمرأة. فلم يعد يمكنهم الإتيان بالمرأة دون الكتاب..

 
   
 
 

موقع الميزان